المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

73- نحن جعلنا هذه النار تذكيراً لنار جهنم عند رؤيتها ، ومنفعة للنازلين بالقفر ينتفعون بها في طهو طعامهم وتدفئتهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

قوله تعالى : { أم نحن المنشئون نحن جعلناها } خلقناها يعني نار الدنيا ، { تذكرة } للنار الكبرى إذا رآها الرائي ذكر جهنم ، قاله عكرمة ومجاهد ومقاتل . وقال عطاء : موعظة يتعظ بها المؤمن .

أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب عن مالك ، عن أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ، قالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية ، قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً " . { ومتاعاً } بلغة ومنفعة . { للمقوين } المسافرين ، والمقوي : النازل في الأرض والقي والقواء هو : القفر الخالية البعيدة من العمران ، يقال : قوت الدار إذا خلت من سكانها . والمعنى : ينتفع بها أهل البوادي والأسفار ، فإن منفعتهم بها أكثر من منفعة المقيم وذلك أنهم يوقدون بها ليلاً لتهرب منهم السباع ويهتدي بها الضلال وغير ذلك من المنافع ، هذا قول أكثر المفسرين . وقال مجاهد وعكرمة : { للمقوين }يعني : للمستمتعين بها من الناس أجمعين ، المسافرين والحاضرين ، يستضيئون بها في الظلمة ويصطلون من البرد ، وينتفعون بها في الطبخ والخبز . قال الحسن : بلغة للمسافرين ، يتبلغون بها إلى أسفارهم ، يحملونها في الخرق والجواليق . وقال ابن زيد : للجائعين ، تقول العرب : أقويت منذ كذا وكذا ، أي : ما أكلت شيئاً . قال قطرب : المقوي من الأضداد ، يقال للفقير : مقو لخلوه من المال ، وللغني : مقو ، لقوته على ما يريد ، يقال : أقوى الرجل إذا قويت دوابه وكثر ماله وصار إلى حالة القوة . والمعنى أن فيها متاعاً للأغنياء والفقراء جميعاً لا غنى لأحد عنها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

وقوله : نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً يقول : نحن جعلنا النار تذكرة لكم تذكرون بها نار جهنم ، فتعتبرون وتتعظون بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : تَذْكِرَةً قال : تذكرة النار الكبرى .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أفَرأيْتُمُ النّارَ التي تُورُونَ أأَنْتُمْ أنْشأْتُمْ شَجَرَتها أمْ نَحْنُ المُنْشِئُونَ نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً للنار الكبرى .

ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : «نارُكُمْ هَذِهِ التي تُوقِدُونَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزءا مِنْ نارِ جَهَنّمِ ، » قالوا : يا نبيّ الله إن كان لكافية ، قال : «قَدْ ضُرِبَتْ بالمَاءِ ضَرْبَتَيْن أوْ مَرّتَينِ ، ليَسْتَنْفِعَ بِها بَنُوا آدَمَ وَيَدْنُو مِنْها » .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد تَذْكِرَةً قال : للنار الكبرى التي في الاَخرة .

وقوله : وَمَتاعا للْمُقْوِينَ اختلف أهل التأويل في معنى المقوين ، فقال بعضهم : هم المسافرون . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : للّمُقْوِينَ قال : للمسافرين .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَمَتاعا للْمُقْوِينَ قال : يعني المسافرين .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَمَتاعا للْمُقْوِينَ قال للمُرْمل : المسافر .

حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : للْمُقْوِينَ قال : للمسافرين .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَمَتاعا للْمُقْوِينَ قال : للمسافرين .

وقال آخرون : عُنِي بالْمُقْوِين : المستمتعون بها . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قوله : وَمَتاعا للْمُقْوِينَ للمستمتعين الناس أجمعين .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد وَمَتاعا للْمُقْوِينَ للمستمتعين المسافر والحاضر .

حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب الشهيد ، قال : حدثنا عتاب بن بشر ، عن خصيف في قوله : وَمَتاعا للْمُقْوِينَ قال : للخلق .

وقال آخرون : بل عُنِي بذلك : الجائعون . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ابن زيد ، في قوله : وَمَتاعا للْمُقْوِينَ قال : المقوي : الجائع . في كلام العرب ، يقول : أقويت منه كذا وكذا : ما أكلت منه كذا وكذا شيئا .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال : عُنِي بذلك للمسافر الذي لازاد معه ، ولا شيء له ، وأصله من قولهم : أقوت الدار : إذا خلت من أهلها وسكانها كما قال الشاعر :

أقْوَى وأقْفَرَ مِنْ نُعْمٍ وغَيّرَها *** هُوجُ الرّياحِ بهابي التّرْبِ مَوّارِ

يعني بقوله : «أقوى » : خلا من سكانه ، وقد يكون المقوي : ذا الفرس القويّ ، وذا المال الكثير في غير هذا الموضع .