قوله : { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } .
يعني : نار الدنيا موعظة للنار الكبرى . قاله قتادة{[55028]} .
وقال مجاهد : تبصرة للناس من الظَّلام{[55029]} .
قال عليه الصلاة والسلام : «إنَّ نَاركُمْ هذه الَّتي توقدونها يا بني آدَمَ جزءٌ من سَبْعينَ جُزْءاً من نَارِ جهنَّم » ، فقالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية ، قال : «فإنَّهَا فُضِّلتْ عليْها بِتسْعَةٍ وسِتينَ جُزْءاً ، كُلُّهن مثلُ حرِّها »{[55030]} .
قوله : { وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } .
يقال : أقوى الرَّجل إذا حلَّ في الأرض القواء ، وهي القفر ، ك «أصحر » : دخل في الصحراء ، وأقوت الدَّار : خلت من ذلك ؛ لأنها تصير قَفْراً{[55031]} .
يَا دَارَ مَيَّةَ بالعَلْيَاءِ فالسَّندِ *** أقْوَتْ ، فطال عليْهَا سالفُ الأمَدِ
قال الضحاك : «متاعاً للمقوين » أي منفعة للمسافرين ، سموا بذلك لنزولهم القوى ، وهي القفر التي لا شيء فيها{[55032]} ، وكذلك القوى والقواء - بالمد والقصر - .
ومنزل قواء : لا أنيس به ، يقال : أقوت الدار ، وقويت أيضاً ، أي خلت من سكانها . قال : [ الكامل ]
حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تقَادمَ عَهْدُهُ *** أقْوَى وأقْفَرَ بَعْدَ أمِّ الهَيْثَمِ{[55033]}
وقال مجاهد : «للمقوين » أي المنتفعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والاصطلاء والاستضاءة ، ويتذكر بها نار جهنم فيستجار بالله منها{[55034]} .
وقال ابن زيد : للجائعين في إصلاح طعامهم{[55035]} .
يقال : أقويت منذ كذا وكذا ، أي ما أكلت شيئاً ، وبات فلان القواء وبات القَفْرَ ، إذا بات جائعاً على غير طعم .
وإنِّي لأخْتَارُ القَوَى ، طاويَ الحَشَا *** مُحافَظَةً مِنْ أن يُقالَ : لَئِيمُ{[55036]}
وقال قطرب : المقوي من الأضداد ، يكون بمعنى الفقير ، ويكون بمعنى الغني .
يقال : أقوى الرجل إذا لم يكن معه زادٌ ، ويقال للفقير : مُقْوٍ إذا لم [ يكن ] معه مالٌ .
وتقول العربُ : أقويت منذ كذا ، أي : ما أكلت شيئاً ، وأقوى : إذا قويت دوابه ، وكثر ماله ليقويه على ما يريد .
وقال المهدوي : والآية تصلح للجميع ؛ لأن النَّار يحتاج إليها المسافر والمقيم والغني والفقير .
وقال القشيري : وخصّ المسافر بالانتفاع بها ؛ لأنَّ انتفاعه أكثر من انتفاع المقيم ؛ لأنَّ أهل البادية لا بُدَّ لهم من النَّار يوقدونها ليلاً لتهرب منهم السِّباع ، وفي كثير من حوائجهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.