البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

أقوى الرجل : دخل في الأرض ، القوا ، وهي الفقر ، كأصحر دخل في الصحراء ، وأقوى من أقام أياماً لم يأكل شيئاً ، وأقوت الدار : صارت قفراء .

قال الشاعر :

يا دارمية بالعلياء فالسند *** أقوت وطال عليها سالف الأمد

{ نحن جعلناها تذكرة } : أي لنار جهنم ، { ومتاعاً للمقوين } : أي النازلين الأرض القوا ، وهي القفر .

وقيل : للمسافرين ، وهو قريب مما قبله ؛ وقول ابن زيد : الجائعين ، ضعيف جداً .

وقدم من فوائد النار ما هو أهم وآكد من تذكيرها بنار جهنم ، ثم أتبعه بفائدتها في الدنيا .

وهذه الأربعة التي ذكرها الله تعالى ووقفهم عليها ، من أمر خلقهم وما به قوام عيشهم من المطعوم والمشروب .

والنار من أعظم الدلائل على البعث ، وفيها انتقال من شيء إلى شيء ، وإحداث شيء من شيء ، ولذلك أمر في آخرها بتنزيهه تعالى عما يقول الكافرون .