فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

{ نَحْنُ جعلناها تَذْكِرَةً } أي جعلنا هذه النار التي في الدنيا تذكرة لنار جهنم الكبرى . قال مجاهد وقتادة : تبصرة للناس في الظلام ، وقال عطاء : موعظة ليتعظ بها المؤمن { ومتاعا لّلْمُقْوِينَ } أي منفعة للذين ينزلون بالقواء ، وهي الأرض القفر كالمسافرين وأهل البوادي النازلين في الأراضي المقفرة ، يقال : أرض قواء بالمد والقصر : أي مقفرة ، ومنه قول النابغة :

يا دار مية بالعلياء فالسند *** أقوت وطال عليها سالف الأمد

وقال عنترة :

حييت من طلل تقادم عهده *** أقوى وأقفر بعد أمّ الهيثم

وقول الآخر :

ألم تسأل الربع القواء فينطق *** وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق

ويقال : أقوى إذا سافر : أي نزل القوى . وقال مجاهد ، المقوين : المستمتعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والاصطلاء والاستضاءة ، وتذكر نار جهنم . وقال ابن زيد : للجائعين في إصلاح طعامهم ، يقال : أقويت منذ كذا وكذا : أي ما أكلت شيئًا وبات فلان القوى : أي بات جائعاً ، ومنه قول الشاعر :

وإني لأختار القوى طاوي الحشا *** محافظة من أن يقال لئيم

وقال قطرب : القوى من الأضداد يكون بمعنى الفقر ، ويكون بمعنى الغنى ، يقال : أقوى الرجل إذا لم يكن معه زاد ، وأقوى : إذا قويت دوابه وكثر ماله . وحكى الثعلبي عن أكثر المفسرين القول الأوّل ، وهو الظاهر .

/خ74