غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

1

ولم يقل في الرابعة ما يفسدها بل قال { نحن جعلناها تذكرة } تتعظون بها ولا تنسون نار جهنم كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ناركم هذه التي يوقدها بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من جهنم " { ومتاعاً } وسبب تمتع ومنفعة { للمقوين } للذين ينزلون القواء وهي القفر أو للذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام في السفر من أقوى الرجل إذا لم يأكل شيئاً من أيام . وفي نسق هذه الآيات بشارة للمؤمنين وذلك أنه سبحانه بدأ بالوعيد الشديد وهو تغيير ذات الإنسان بالكلية في قوله { وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم } ثم ترك ذلك المقام إلى أسهل منه وهو تغير قوته ذاتاً فقال { لو نشاء لجعلناه حطاماً } ثم عقبه بأسهل وهو تغيير مشروبه نعتاً لا ذاتاً ولهذا حذف اللام في قوله { لو نشاء جعلناه أجاجاً } ويحتمل عندي أن يكون سبب حذف اللام هو كون " لو " بمعنى " أن " وذلك أن الماء باقٍ هاهنا فيكون التعليق حقيقة بخلاف الزرع فإنه بعد أن حصد صار التعليق المذكور وهمياً فافهم . ثم ختم بتذكير النار وفيه وعد من وجه ووعيد من وجه . أما الأول فلأنه لم يبين ما يفسدها كما قلنا يدل على أن الختم وقع على الرأفة والرحمة . وأما الثاني فلأن عدم ذكر مفسدها يدل على بقائها في الآخرة . وفي قوله { تذكرة } إشارة إلى ما قلنا . ثم أمر بإحداث التسبيح بذكره

73

/خ95