المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

32- ويا قوم : إني أخاف عليكم يوم تفرون مدبرين ليس لكم من الله من مانع ، ومن يضلله الله - لعلمه أنه يختار الضلالة على الهدى - فما له من مرشد يهديه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

قوله تعالى : { يوم تولون مدبرين } منصرفين عن موقف الحساب إلى النار . وقال مجاهد : فارين غير معجزين ، { ما لكم من الله من عاصم } يعصمكم من عذابه ، { ومن يضلل الله فما له من هاد } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

وقوله : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ . . . } بدل من يوم التناد . أى : أخاف عليكم من أهوال يوم القيامة ، يوم تنصرفون عن موقف الحساب والجزاء فتتلقاكم النار بلهيبها وسعيرها ، وتحاولون الهرب منها فلا تستطيعون . لأنه لا عاصم لكم ولا مانع فى هذا اليوم من عذاب الله - تعالى- وعقابه .

{ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } أى : ومن يضلله الله - تعالى - عن طريق الحق بسبب سوء استعداده ، واستحبابه العمى على الهدى ، فما له من هاد يهديه إلى الصراط المستقيم .

وهكذا نجد الرجل المؤمن بعد أن خوف قومه من العذاب الدنيوى ، أتبع ذلك بتخويفهم من العذاب الأخروى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

و{ يَوْمَ تُوَلُّونَ } بدل من { يَوْمَ التَّنَادِ } ، والتولي : الرجوع ، والإِدبارُ : أن يرجع من الطريق التي وراءه ، أي من حيث أتى هَرباً من الجهة التي ورد إليها لأنه وجد فيها ما يكره ، أي يوم تفرّون من هول ما تجدونه . و { مدبرين } حال مؤكدة لعاملها وهو { تولون } .

وجملة { مَا لَكُم مِنَ الله مِن عَاصِمٍ } في موضع الحال . والمعنى : حالةَ لا ينفعكم التولِّي .

والعاصم : المانع والحافظ . و { مِنَ الله } متعلق ب { عاصم ، } و { من } المتعلقة به للابتداء ، تقول : عصمه من الظالم ، أي جعله في منَعَة مبتدأة من الظالم . وضَمن فعل ( عَصم ) معنى : أنقذَ وانتزعَ ، ومعنى : { مِنَ الله } من عذابه وعقابه لأن المنع إنما تتعلق به المعاني لا الذوات . و { من } الداخلة على { عاصم } مزيدة لتأكيد النفي .

وَأغنى الكلام على تعدية فعل : { أَخَافُ عَلَيكم مِثلَ يَومِ الأحْزَابِ } [ غافر : 30 ] عن إعادته هنا .

وجملة { وَمَن يُضْلِل الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } عطف على جملة { إنِّي أخَافُ عَلَيْكُم يَوْمَ التَّنَادِ } لتضمنها معنى : إني أرشدتكم إلى الحذر من يوم التنادي .

وفي الكلام إيجاز بحذف جُمل تدل عليها الجملة المعطوفة . والتقدير : هذا إرشاد لكم فإن هداكم الله عملتم به وإن أعرضتم عنه فذلك لأن الله أضلكم ومن يضلل الله فما له من هاد ، وفي هذه الجملة معنى التذييل .

ومعنى إسناد الإِضلال والإِغواء ونحوهما إلى الله أن يكون قد خلق نفس الشخص وعقله خلقاً غير قابل لمعاني الحق والصواب ، ولا ينفعل لدلائل الاعتقاد الصحيح .

وأراد من هذه الصلة العموم الشامل لكل من حرمه الله التوفيق ، وفيه تعريض بتوقعه أن يكون فرعون وقومه من جملة هذا العموم ، وآثر لهم هذا دون أن يقول : { ومن يهد الله فما له من مضل } [ الزمر : 37 ] لأنه أحسّ منهم الإِعراض ولم يتوسم فيهم مخائل الانتفاع بنصحه وموعظته .