اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

قوله : «يَوْمَ تُوَلُّونَ » يجوز أن يكون بدلاً من «يوم التناد »{[48161]} وأن يكون منصوباً بإضمار «أعني »{[48162]} . ولا يجوز أن يكون عطف بيان ، لأنه نكرة وما قبله معرفة ، وقد تقدم{[48163]} في قوله { فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ } [ آل عمران : 97 ] أن الزمخشري جعله بياناً مع تخالفهما تعريفاً وتنكيراً وهو عكس هذا ، فإن الذي نحن فيه الثاني نكرة ، والأول معرفة .

قوله { مَا لَكُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ } يجوز في «من عاصم » أن يكون فاعلا{[48164]} بالجار ، لاعتماده على النفي ، وأن يكون مبتدأ{[48165]} أو من مزيدة على كلا التقديرين ، ومن الله متعلق بعَاصِمٍ{[48166]} .

/خ33

وقوله : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } . قال الضحاك : إذا سمعوا زفيرَ النار نَدُّوا هرباً فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا الملائكة صفوفاً فيرجعون{[48167]} إلى مكانهم فذلك قوله : { والملك على أَرْجَآئِهَآ }{[48168]} [ الحاقة : 17 ] وقوله : { يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض فانفذوا }{[48169]} [ الرحمن : 33 ] . قال مجاهد رضي الله عنه : فارِّينَ عن النار غير معجزين{[48170]} ، ثم أكد التهديد فقال : { مَا لَكُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ } يعصمكم من عذابه ، ثم نبه على قوة ضلالتهم وشدة جهالتهم فقال { وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } .


[48161]:التبيان 1118، 1119 والدر المصون السابق والبيان 2/331.
[48162]:الدر المرجع السابق.
[48163]:وقد سبق رأي الزمخشري في هذه الآية وانظر الكشاف 1/447.
[48164]:سد مسد الخبر لاعتماده على نفي وهو "ما".
[48165]:فيكون مرفوعا بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد والخبر "لكم".
[48166]:انظر الدر 4/693.
[48167]:في ب فيرجعوا.
[48168]:18 من الحاقة.
[48169]:23 من الرحمن عز وجل.
[48170]:وانظر فيما سبق كله من أقوال في تفسير البغوي 6/94 و95 والقرطبي 15/310 و311.