بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

{ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } وكقوله : { يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [ عبس : 34 ، 35 ] .

وقرأ الحسن يَوْمَ التَّنَادِي بالياء ، وهو من النداء . يوم ينادى كل قوم بأعمالهم . وينادي المنادي من مكان بعيد . وينادي أهل النار أهل الجنة . وينادي أهل الجنة أهل النار { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ الله عَلَى الظالمين } [ الأعراف : 44 ] وقراءة العامة . { التناد } بالتخفيف بغير ياء ، وأصله الياء ، فحذف الياء ، لأن الكسرة تدل عليه ، وقوله : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي : هاربين . قال الكلبي : هاربين ، إذا انطلق بهم إلى النار ، فعاينوها ، هربوا . فيقال لهم : { مَا لَكُمْ مّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ } أي : ليس لكم من عذاب الله من مانع . وقال مقاتل : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي : ذاهبين بعد الحساب إلى النار ، كقوله : { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } أي ذاهبين { مَا لَكُمْ مّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ } يعني : من مانع من عذابه .

{ وَمَن يُضْلِلِ الله } عن الهدى ، { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يعني : من مرشد ، وموفق .