المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

28- فإن لم تجدوا في هذه البيوت أحداً يأذن لكم ، فلا تدخلوا حتى يجئ من يسمح لكم به . وإن لم يُسمح لكم وطُلب منكم الرجوع فارجعوا ، ولا تلحوا في طلب السماح بالدخول ، فإن الرجوع أكرم بكم وأطهر لنفوسكم ، والله مطلع علي كل أحوالكم ومجازيكم عليها فلا تخالفوا إرشاداته .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

قوله تعالى :{ فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها } أي : إن لم تجدوا في البيوت أحداً يأذن لكم في دخولها فلا تدخلوها ، { حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا } يعني : إذا كان في البيت قوم فقالوا : ارجع فليرجع ولا يقعد على الباب ملازماً ، { هو أزكى لكم } يعني : الرجوع أطهر وأصلح لكم ، قال قتادة : إذا لم يؤذن له فلا يقعد على الباب فإن للناس حاجات ، وإذا حضر ولم يستأذن وقعد على الباب منتظراً جاز . وكان ابن عباس يأتي باب الأنصار لطلب الحديث فيقعد على الباب حتى يخرج ، ولا يستأذن ، فيخرج الرجل ويقول : يا ابن عم رسول الله لو أخبرتني ، فيقول : هكذا أمرنا أن نطلب العلم . وإذا وقف فلا ينظر من شق الباب إذا كان الباب مردوداً .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو الحسن بن بشران ، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصغار ، أنبأنا أحمد بن منصور ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر عن الزهري ، عن سهل بن سعد الساعدي : " أن رجلاً اطلع على النبي صلى الله عليه وسلم من ستر الحجرة وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم مدرى ، فقال : لو علمت أن هذا ينظرني حتى آتيه لطعنت بالمدرى عينيه ، وهل جعل الاستئذان إلا من أجل البصر " .

أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنبأنا أبو العباس الأصم ، أنبأنا الربيع ، أنبأنا الشافعي ، أنبأنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لو أن امرأ طلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح " . قوله تعالى : { والله بما تعملون عليم } من الدخول بالإذن وغير الإذن .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

ثم بين - سبحانه - حالة أخرى توجب عليهم الاستئذان ، فقال : { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حتى يُؤْذَنَ لَكُمْ . . } .

أى : فإن لم تجدوا فى هذه البيوت أحدا ، بأن كانت خالية من سكانها لظرف من الظروف ، فلا يصح لكم - أيضا - أن تدخلوها ، حتى يؤذن لكم فى دخولها ممن يملك الإذن بذلك .

قال صاحب الكشاف : " وذلك أن الاستئذان لم يشرع لئلا يطلع الدامر - أى الداخل بغير إذن - على عورة ، ولا تسبق عينه إلى ما لا يحل النظر إليه فقط ، وإنما شرع لئلا يوقف على الأحوال التى يطويها الناس فى العادة عن غيرهم ، ويتحفظون من اطلاع أحد عليها ، ولأنه تصرف فى ملك غيرك ، فلا بد من أن يكون برضاه ، وإلا أشبه الغصب والتغلب " .

فالآية الأولى لبيان حكم دخول البيوت المسكونة بأهلها ، وهذه لبيان حكم دخول البيوت الخالية من سكانها .

وقوله - تعالى - : { وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارجعوا فارجعوا هُوَ أزكى لَكُمْ } بيان لما يجب عليهم فى حالة عدم الإذن لهم بالدخول .

أى : وإن قيل لكم من جهة أهل البيت ارجعوا ولا تدخلوا ، فارجعوا ولا تلحوا فى طلب الدخول ، فإن هذا الرجوع هو أطهر لأخلاقكم ، وأبقى لمرءوتكم . من الإلحاح فى الاستئذان ، ومن الوقوف على أبوابٍ أصحابُها قد تكون أحوالهم لا تسمح لكم بالدخول عليهم .

وقوله - سبحانه - : { والله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } تذييل قصد به التحذير من مخالفة ما أمر الله - تعالى - به ، وما نهى - سبحانه - عنه .

أى : والله - تعالى - لا تخفى عليه خافية من أعمالكم ، فأصلحوها ، والتزموا باتباع ما أمركم به ، وما نهاكم عنه ، فإنه - سبحانه - سيجازيكم عليها بما تستحقون من ثواب أو عقاب .

فالمقصود من هذا الإخبار : إفادة لازمه وهو المجازاة على هذه الأعمال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

وقوله : { فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ } ، وذلك لما فيه من التصرف في ملك الغير بغير إذنه ، فإن شاء أذن ، وإن شاء لم يأذن { وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ } أي : إذا رَدُّوكم من الباب قبل الإذن أو بعده { فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ } أي : رجوعكم{[21027]} أزكى لكم وأطهر { وَاللهُ بِمَا تَعْملُونَ عَلِيم } .

وقال قتادة : قال بعض المهاجرين : لقد طلبتُ عمري كلَّه هذه الآية فما أدركتها : أن أستأذنَ على بعض إخواني ، فيقول لي : " ارجع " ، فأرجع وأنا مغتبط{[21028]} [ لقوله ]{[21029]} ، { وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } .

وقال سعيد بن جبير : { وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا } أي : لا تقفوا على أبواب الناس .


[21027]:- في أ : "رجعوكم".
[21028]:- في أ : "متغيط".
[21029]:- زيادة من ف ، أ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

أما قوله : { فإن لم تجدوا فيها أحداً } إلخ للاحتراس من أن يظن ظان أن المنازل غير المسكونة يدخلها الناس في غيبة أصحابها بدون إذن منهم توهماً بأن علة شرع الاستئذان ما يَكره أهل المنازل من رؤيتهم على غير تأهب بل العلة هي كراهتهم رؤية ما يحبون ستره من شؤونهم . فالشرط هنا يشبه الشرط الوصلي لأنه مراد به المبالغة في تحقيق ما قبله ولذلك ليس له مفهوم مخالفة .

والغاية في قوله : { حتى يؤذن لكم } لتأكيد النهي بقوله : { فلا تدخلوها } أي حتى يأتي أهلها فيأذنوا لكم .

وقوله : { والله بما تعملون عليم } تذييل لهذه الوصايا بتذكيرهم بأن الله عليم بأعمالهم ليزدجر أهل الإلحاح عن إلحاحهم بالتثقيل ، وليزدجر أهل الحيل أو التطلع من الشقوق ونحوها . وهذا تعريض بالوعيد لأن في ذلك عصياناً لما أمر الله به . فعلمه به كناية عن مجازاته فاعليه بما يستحقون .

وخطاب { لا تدخلوا } يعم وهو مخصوص بمفهوم قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } [ النور : 58 ] كما سيأتي . ولذا فإن المماليك والأطفال مخصصون من هذا العموم كما سيأتي .

وقرأ الجمهور : { بيوتاً } حيثما وقع بكسر الباء . وقرأه أبو عمرو وورش عن نافع وحفص عن عاصم وأبو جعفر بضم الباء . وقد تقدم في سورة آل عمران .