الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب وأبو داود والبيهقي في سننه من طريق ربعي قال : « حدثنا رجل من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال : أألج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه : أخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقيل له : قل السلام عليكم . أأدخل ؟ » .

وأخرج ابن جرير عن عمرو بن سعد الثقفي أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أألج ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأمة له يقال لها روضة : قومي إلى هذا فعلميه ، فإنه لا يحسن يستأذن فقولي له يقول السلام عليكم . أأدخل ؟ " .

وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري في الأدب وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق كلدة ؛ أن صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلبن وجداية وضغابيس والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي قال : فدخلت عليه ولم أسلم ، ولم استأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارجع فقل السلام عليكم . أأدخل ؟ " .

وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر في التمهيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : استأذن عمر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام على رسول الله السلام عليكم . أيدخل عمر ؟

وأخرج ابن وهب في كتاب المجالس وابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : أرسلني أبي إلى ابن عمر فجئته فقلت : أألج ؟ فقال : ادخل . فلما دخلت قال : مرحباً يا ابن أخي لا تقل أألج ؟ ولكن قل السلام عليكم ، فإذا قالوا وعليك فقل : أأدخل ؟ فإن قالوا ادخل فأدخل .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أم أياس قالت : كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة فقلت : ندخل فقالت : لا . فقالت واحدة : السلام عليكم . أندخل ؟ قالت : ادخلوا ثم قالت { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } .

وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « السلام قبل الكلام » .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن أبي هريرة ؛ فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام .

وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : إذا دخل ولم يقل السلام عليكم فقل : لا . . حتى تأتي بالمفتاح .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال : كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس تكلم ورفع صوته .

وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن مسعود قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم .

وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا دخل البصر فلا أذن له » .

وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستئذان في البيوت فقال « من دخلت عينه قبل أن يستأذن ويسلم فقد عصى الله ، ولا أذن له » .

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من كان يشهد أني رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأنس ويسلم ، فإذا نظر في قعر البيت فقد دخل » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في شعب الإِيمان عن هذيل قال :

« جاء سعد فوقف على باب النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن ، فقام على الباب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " هكذا عنك فإنما الاستئذان من النظر " .

وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن عبد الله بن بشر قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم ، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه . ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، ويقول : السلام عليكم السلام عليكم ، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور » .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن سهل بن سعد قال : " اطلع رجل من جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه مدرى يحك بها رأسه فقال " لو أعلم أنك تنظر لطعنت بها في عينك ، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر . وفي لفظ : إنما جعل الله الإِذن من أجل البصر " .

وأخرج الطبراني عن سعد بن عبادة قال : " جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فقمت مقابل الباب استأذنت ، فأشار إليَّ أن تباعد وقال « هل الاستئذان إلا من أجل النظر » .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في قوله { حتى تستأنسوا } قال : هو الاستئذان قال : وكان يقال الاستئذان ثلاث ، فمن لم يؤذن له فيهن فليرجع . أما الأولى فيسمع الحي . وأما الثانية فيأخذوا حذرهم . وأما الثالث فإن شاؤوا أذنوا وإن شاؤوا ردوه .

وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كنت جالساً في مجلس من مجالس الأنصار ، فجاء أبو موسى فزعاً ، فقلنا له : ما أفزعك ؟ قال : أمرني عمر أن آتيه ، فأتيته فاستأذنت ثلاثاً ، فلم يؤذن لي ، فرجعت فقال : ما منعك أن تأتيني قلت : قد جئت ، فاستأذنت ثلاثاً ، فلم يؤذن لي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع " قال : لتأتيني على هذا بالبينة فقالوا : لا يقوم إلا أصغر القوم ، فقام أبو سعيد معه فشهد له فقال عمر لأبي موسى : إني لم أتهمك ، ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد .

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم } يعني بيوتاً ليست لكم { حتى تستأنسوا وتسلموا } فيها تقديم يعني حتى تسلموا ثم تستأذنوا ، والسلام قبل الاستئذان ، { ذلكم } يعني الاستئذان والتسليم { خير لكم } يعني أفضل من أن تدخلوا من غير إِذن ، إن لا تأثموا ، ويأخذ أهل البيت حذرهم { لعلكم تذكرون } { فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم } يعني في الدخول { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا } يعني لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس { هو أزكى لكم } يعني الرجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم { والله بما تعملون عليم } يعني بما يكون عليم { ليس عليكم جناح } لا حرج عليكم { أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة } يعني ليس بها ساكن .

وهي الخانات التي على طرق الناس للمسافر ، لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذان ولا تسليم { فيها متاع لكم } يعني منافع من البرد والحر .

28