الأولى-قوله تعالى : " فإن لم تجدوا فيها أحدا " الضمير في " تجدوا فيها " للبيوت التي هي بيوت الغير . وحكى الطبري عن مجاهد أنه قال : معنى قوله : " فان لم تجدوا فيها أحدا " أي لم يكن لكم فيها متاع . وضعف الطبري هذا التأويل ، وكذلك هو في غاية الضعف ، وكأن مجاهدا رأى أن البيوت غير المسكونة إنما تدخل دون إذن إذا كان للداخل فيها متاع . ورأى لفظة " المتاع " متاع البيت ، الذي هو البسط والثياب ، وهذا كله ضعيف . والصحيح أن هذه الآية مرتبطة بما قبلها والأحاديث ، التقدير : يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا ، فإن أذن لكم فادخلوا وإلا فارجعوا ، كما فعل عليه السلام مع سعد ، وأبو موسى مع عمر رضي الله عنهما . فإن لم تجدوا فيها أحدا يأذن لكم فلا تدخلوها حتى تجدوا إذنا . وأسند الطبري عن قتادة قال : قال رجل من المهاجرين : لقد طلبت عمري [ كله ]{[11875]}هذه الآية فما أدركتها أن أستأذن على بعض إخواني فيقول لي ارجع فارجع وأنا مغتبط ؛ لقوله تعالى : " هو أزكى لكم " .
الثانية-سواء كان الباب مغلقا أو مفتوحا ؛ لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه ، بل يجب عليه أن يأتي الباب ويحاول الإذن على صفة لا يطلع منه على البيت لا في إقباله ولا في انقلابه . فقد روى علماؤنا عن عمر بن الخطاب أنه قال : ( من ملأ عينيه من قاعة بيت فقد فسق ) وروي في الصحيح عن سهل بن سعد أن رجلا اطلع في جحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى{[11876]} يرجِّلُ به رأسه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك إنما جعل الله الإذن من أجل البصر ) . وروي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو أن رجلا اطلع عليك بغير إذن فحذفته{[11877]} بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح ) .
الثالثة-إذا ثبت أن الإذن شرط في دخول المنزل فإنه يجوز{[11878]} من الصغير والكبير . وقد كان أنس بن مالك دون البلوغ يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك الصحابة مع أبنائهم وغلمانهم رضي الله عنهم . وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر السورة إن شاء الله تعالى .
الرابعة-قوله تعالى : " والله بما تعملون عليم " توعد لأهل التجسس على البيوت وطلب الدخول على غفلة للمعاصي والنظر إلى ما لا يحل ولا يجوز ، ولغيرهم ممن يقع في محظور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.