غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

27

{ فإن لم تجدوا فيها أحداً } أي على الإطلاق أو ممن له الإذن { فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم } أي حتى تجدوا من يأذن لكم أو من يعتبر إذنه ، وإن وجد فيها من له الإذن فإن أذن دخل وإن لم يأذن وقال ارجع رجع وهو قوله { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى } أي الرجوع أطيب { لكم وأطهر } لما فيه من سلامة الصدر والبعد من الريبة . وفي قوله { والله بما تعملون عليم } نوع زجر للمكلف فعليه أن يحتاط كيف يدخل ولأي غرض يدخل وكيف يخرج . وهل يقوم غير الإذن مقام الإذن ؟ عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " رسول الرجل إلى الرجل إذنه " وفي رواية أخرى " إذا دعى أحدكم فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن " وقيل : إن من قد جرت العادة له بإباحة الدخول فهو غير محتاج إلى الاستئذان . والجمهور على أن إذن الصبي والعبد والمرأة معتبر وكذلك الهدايا لأجل الضرورة . وهل يعتبر الاستئذان على المحارم ؟ " روي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : استأذن على أمي ؟ قال : نعم . قال : إنها ليس لها خادم غيري أستأذن عليها كلما دخلت عليها . قال : أتحب أن تراها عريانة ؟ قال الرجل : لا . قال : فأستأذن " قال العلماء : إن كان المنع من الهجوم على الغير لأجل أنه لا يراه منكشف الأعضاء فتستثنى منه الزوجة وملك اليمين ، وإن كان لأجل أنه لا يراه مشغولاً بما يكره الاطلاع عليه فالمنع عام إلا إذا عرض ما يبيح هتك الستر كحريق أو هجوم سارق أو ظهور منكر يجب إنكاره . التاسع : ما حكم من اطلع على دار غيره بغير إذنه ؟ الجواب : قال الشافعي : لو فقأ عينه فهي هدر وتمسك بما روى سهل بن سعد " أنه اطلع رجل في حجرة من حجر النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي مدرى يحك بها رأسه فقال : لو علمت أنك تنظر إلي لطعنت بها في عينك ، إنما الاستئذان من النظر " وعن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال " من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فقد هدرت عينه " قال أبو بكر الرازي : هذا الخبر مردود لوروده على خلاف الأصول ، فلا خلاف أنه لو دخل داره بغير إذنه ففقأ عينه ضامناً وعليه القصاص إن كان عامداً ، ومعلوم أن الداخل قد اطلع وزاد على الاطلاع . فمعنى الحديث لو صح أنه من اطلع في دار قوم ونظر إلى حرمهم ونسائهم ثم منع فلم يمتنع فذهبت عينه في حال الممانعة فهي هدر ، وأجيب بالفرق فإنه إذا علم القوم دخوله عليهم احترزوا عنه وتستروا فأما إذا نظر على حين غفلة منهم اطلع على ما لا يراد الاطلاع عليه فلا يبعد في حكمة الشرع أن يبالغ ههنا في الزجر حسماً لمادة هذه المفسدة .

/خ34