فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَدٗا فَلَا تَدۡخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤۡذَنَ لَكُمۡۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ٱرۡجِعُواْ فَٱرۡجِعُواْۖ هُوَ أَزۡكَىٰ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ} (28)

{ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَا أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حتى يُؤْذَنَ لَكُمُ } أي : إن لم تجدوا في البيوت التي لغيركم أحداً ممن يستأذن عليه فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم بدخولها من جهة من يملك الإذن .

وحكى ابن جرير عن مجاهد أنه قال : معنى الآية فإن لم تجدوا فيها أحداً : أي لم يكن لكم فيها متاع ، وضعفه ، وهو حقيق بالضعف ؛ فإن المراد بالأحد المذكور : أهل البيوت الذين يأذنون للغير بدخولها ، لا متاع الداخلين إليها { وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارجعوا فارجعوا } أي : إن قال لكم أهل البيت : ارجعوا ، فارجعوا ، ولا تعاودوهم بالاستئذان مرّة أخرى ، ولا تنتظروا بعد ذلك أن يأذنوا لكم بعد أمرهم لكم بالرجوع . ثم بين سبحانه أن الرجوع أفضل من الإلحاح ، وتكرار الاستئذان ، والقعود على الباب فقال : { هُوَ أزكى لَكُمْ } أي : أفضل { وَأَطْهَرُ } من التدنس بالمشاحة على الدخول لما في ذلك من سلامة الصدر ، والبعد من الريبة ، والفرار من الدناءة { والله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } لا تخفى عليه من أعمالكم خافية .

/خ29