المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

10- ولقد سَخِرَ الكفار كثيراً برسل من قبلك - أيها النبي - فأحاط بالساخرين العذاب الذي أنذرهم به رسلهم ، وقد جعلوه موضع سخريتهم من قبل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

قوله تعالى : { ولقد استهزئ برسل من قبلك } ، كما استهزئ بك يا محمد فعزى نبيه صلى الله عليه وسلم .

قوله تعالى : { فحاق } . قال الربيع بن أنس : فنزل ، وقال عطاء : حل ، وقال الضحاك : أحاط .

قوله تعالى : { بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون } ، أي : جزاء استهزائهم من العذاب والنقمة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

ثم أخذ القرآن فى تسلية النبى صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه فقال :

{ وَلَقَدِ استهزىء بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ والمعنى : لا تحزن يا محمد لما أصابك من قومك ، فإن من شأن الدعاة إلى الحق المجاهدين فى سبيله أن ينالهم الأذى من أعدائهم ، ولقد أوذى من سبقك من الرسل الكرام ، وسخر الساخرون منهم ، فصبروا على ذلك ، وجاءهم فى النهاية نصرنا الذى وعدناهم به . أما أعداؤهم الذين استهزأوا بهم ، فقد أخذناهم أخذ عزيز مقتدر { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصيحة وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } فالآية الكريمة تهدف إلى تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والترويح عن نفسه ، وتبشيره بحسن العقابة وتثبيت قلبه حتى لا يتأثر أو يضعف أمام سفه المشركين وتطاولهم عليه .

والاستهزاء بالشىء : الاستهانة به ، والاستهزاء بالشخص احتقاره وعدم الاهتمام بأمره . وتنكير الرسل للتكثير والتعظيم ، والفاء فى قوله { فَحَاقَ } للسببية ، أى : بسبب هذا الاستهزاء برسل الله الكرام ، أحاط العذاب بأولئك المستهزئين فأهلكهم .

وقال - سبحانه - { فَحَاقَ بالذين سَخِرُواْ } ولم يقل بالساخرين ، للإشارة إلى أن ما أصابهم من عذاب لم يكن تجنباً عليهم ، وإنما كان بسبب سخريتهم برسل الله والاستخفاف بهم ؛ لأن التعبير بالموصول يفيد أن لاصلة هى علة الحكم .

وفى قوله - تعالى - : { فَحَاقَ بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } مجاز علاقته السببية ، لأن الذى حاق بهم هو العذاب المسبب عن الاستهزاء ، ففيه إطلاق السبب وإرادة المسبب ، وذلك يفيد أن العذاب ملازم لهذه السخرية لا ينفك عنها ، فحيثما وجد التطاول على أولياء الله والدعاة إلى دينه ، وجد معه عذاب الله وسخطه على المتطاولين والمستهزئين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

وقوله : { وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } هذا تسلية لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه ، ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

{ ولقد استهزئ برسل من قبلك } تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما يرى من قومه . { فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون } فأحاط بهم الذي كانوا يستهزئون به حيث أهلكوا لأجله ، أو فنزل بهم وبال استهزائهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

قرىء «ولقد » بضم الدال مراعاة للضمة بعد الساكن الذي بعد الدال ، وقرىء بكسر الدال على عرف الالتقاء ، وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بالأسوة في الرسل وتقوية لنفسه على محاجّة المشركين وإخبار يتضمن وعيد مكذبيه والمستهزئين ، و «حاق » معناه نزل وأحاط ، وهي مخصوصة في الشر ، يقال حاق يحيق حيقاً ومنه قول الشاعر :

فأوطأ جرد الخيل عقر ديارهم *** وحاق بهم من بأس ضبة حائق{[4832]}

وقال قوم : أصل حاق حق فبدلت القاف الواحدة كما بدلت النون في تظننت{[4833]} .

قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف ، و { ما } في قوله : { ما كانوا } يصح أن تكون مع الفعل بتأويل المصدر ، كأنه قال : استهزاؤهم ، وهذا كناية عن العقوبة كما تهدد إنساناً فتقول سيلحقك عملك ، المعنى عاقبته ، وسخروا معناه استهزؤوا .


[4832]:- لم نعثر على قائل هذا البيت في المراجع التي بين أيدينا، ولم يستشهد به من المفسرين إلا صاحب "البحر المحيط"، والفرس الأجرد: القصير الشعر، وإذا وصف بذلك فالمعنى أنه سبّاق، وعقر الدار: وسطها. والحيق: ما حاق بالإنسان من مكر أو سوء عمل يعمله فينزل ذلك به، ومنه قوله عز وجل: {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله}، ومن حديث أبي بكر رضي الله عنه: "أخرجني ما أجد من حاق الجوع"، وحديث علي كرم الله وجهه: "تخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر".
[4833]:- فقيل فيها: تظنيت- وقد قال ابن عطية: "وهذا ضعيف" لأنها دعوى لا دليل على صحتها كما قال أبو حيان في "البحر".