بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنۡهُم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

ثم قال : { وَلَقَدِ استهزىء بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ } يا محمد كما استهزأ بك قومك في أمر العذاب { فَحَاقَ بالذين } يقول : وجب ونزل بالذين { سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئونَ } بالرسل . ويقال : { فَحَاقَ } أي : رجع . وقال أهل اللغة : الحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فَعَلَتْه نفسه . كقوله : { استكبارا في الأرض وَمَكْرَ السيئ وَلاَ يَحِيقُ المكر السيئ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَحْوِيلاً } [ فاطر : 43 ] وقال الضحاك : كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد الحرام مع المستضعفين من المؤمنين بلال بن رباح وصهيب بن سنان وعمار بن ياسر وغيرهم . فمر بهم أبو جهل بن هشام في ملأ من قريش وقال : يزعم محمد أن هؤلاء ملوك أهل الجنة فأنزل الله تعالى عل رسوله هذه الآية ليثبت بها فؤاده ، ويصبره على أذاهم فقال : { وَلَقَدِ استهزىء بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ } يعني : إن سخر أهل مكة من أصحابك فقد فعل ذلك الجهلة برسلهم فجعل الله تعالى دائرة السوء على أهل ذلك الاستهزاء .