فقال الله مبينا مجيبا لذلك السائل :{ للكافرين } وذلك أن أهل مكة لما خوفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب قال بعضهم لبعض : من أهل هذا العذاب ؟ ولمن هو ؟ سلوا عنه محمداً فسألوه فأنزل الله : { سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين } أي : هو للكافرين ، هذا قول الحسن وقتادة . وقيل : " الباء " صلة ومعنى الآية : دعا داع وسأل سائل عذاباً واقعاً للكافرين ، أي : على الكافرين ، " اللام " بمعنى " على " وهو النضر بن الحارث حيث دعا على نفسه وسأل العذاب ، فقال : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك } الآية ( الفرقان-59 ) ، فنزل به ما سأل يوم بدر ، فقتل صبراً ، وهذا قول ابن عباس ومجاهد : { ليس له دافع من الله } أي : بعذاب من الله .
ثم وصف - سبحانه - العذاب بصفات أخرى ، غير الوقوع فقال : { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِّنَ الله ذِي المعارج } واللام فى قوله { لِّلْكَافِرِينَ } بمعنى على . أو للتعليل .
أى : سأل سائل عن عذاب واقع على الكافرين ، هذا العذاب ليس له دافع يدفعه عنهم ، لأنه واقع من الله - تعالى - { ذِي المعارج } .
والمعارج جمع معرج ، وهو المصعد ، ومنه قوله - تعالى -
{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } وقد ذكر المفسرون فى المراد بالمعارج وجوها منها : أن المراد بها السموات ، فعن ابن عباس أنه قال أى : ذى السموات ، وسماها معارج لأن الملائكة يعرجون فيها .
ومنها : أن المراد بها : النعم والمنن . فعن قتادة أنه قال : ذى المعارج ، أى : ذى الفواضل والنعم . وذلك لأن لأياديه ووجوه إنعامه مراتب ، وهى تصل إلى الناس على مراتب مختلفة .
ومنها : أن المراد بها الدرجات التى يعطيها لأوليائه فى الجنة .
وفى وصفه - سبحانه - ذاته ب { ذِي الْمَعَارِجِ } : استحضار لصورة عظمة جلاله ، وإشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه ، فإن المعارج من خصائص منازل العظماء .
فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف هذا العذاب الواقع على الكافرين . بجملة من الصفات ، لتكون رداً فيه ما فيه من التهديد والوعيد للجاحدين ، الذى استهزأوا به وأنكروه .
وقوله تعالى : { للكافرين } . قال بعض النحويين : اللام توصل المعنى توصيل «على »{[11314]} . وروي أنه في مصحف أبي بن كعب : «على الكافرين » ، وقال قتادة والحسن المعنى : كأن قائلاً قال لمن هذا العذاب الواقع ؟ فقيل { للكافرين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.