المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

30- أما الذين آمنوا بالله وبدينه الحق الذي يُوحى إليك ، وعملوا ما أمرهم به ربهم من الأعمال الصالحة ، فإنا لا نضيع أجرهم على ما أحسنوا من الأعمال .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

قوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } ، فإن قيل : أين جواب قوله : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } ؟ قيل : جوابه قوله : { أولئك لهم جنات عدن تجري } ، وأما قوله : { إنا لا نضيع } فكلام معترض . وقيل : فيه إضمار ، معناه : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنا لا نضيع أجرهم بل نجازيهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك حسن عاقبة المؤمنين فقال : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

لما ذكر تعالى حال الأشقياء ، ثنى بذكر السعداء ، الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به ، وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصالحة ، فلهم { جَنَّاتُ عَدْنٍ } والعدن : الإقامة .

{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ } أي : من تحت غرفهم ومنازلهم ، قال [ لهم ]{[18163]} فرعون : { وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي } [ الزخرف : 51 ] .

{ يُحَلَّوْنَ } أي : من الحلية { فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ } وقال في المكان الآخر : { وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [ الحج : 23 ] وفصله هاهنا فقال : { وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } فالسندس : لباس{[18164]} رقاع رقاق كالقمصان وما جرى مجراها ، وأما الإستبرق فغليظ الديباج وفيه بريق .

وقوله : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ } الاتكاء قيل : الاضطجاع وقيل التربع في الجلوس . وهو أشبه بالمراد هاهنا ومنه الحديث [ في ]{[18165]} الصحيح : " أما أنا فلا آكل متكئًا " {[18166]} فيه القولان .

والأرائك : جمع أريكة ، وهي السرير تحت الحَجَلة ، والحجلة كما يعرفه{[18167]} الناس في زماننا هذا بالباشخاناه ، والله أعلم .

قال عبد الرزاق : أخبرنا مَعْمَرُ ، عن قتادة : { عَلَى الأرَائِكِ } قال : هي الحجال . قال معمر : وقال غيره : السّرُر في الحجال{[18168]}

وقوله : { نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا } [ أي : نعمت الجنة ثوابًا على أعمالهم { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا } أي : حسنت منزلا ومقيلا ومقامًا ، كما قال في النار : { بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } [ الكهف : 29 ]{[18169]} ، وهكذا قابل بينهما في سورة الفرقان في قوله : { إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان : 66 ] ثم ذكر صفات المؤمنين فقال : { أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان : 76 ، 75 ] .


[18163]:زيادة من ت.
[18164]:في ت، ف، أ: "ثياب".
[18165]:زيادة من ت، ف.
[18166]:صحيح البخاري برقم (5398).
[18167]:في ت، ف: "تعرفه".
[18168]:تفسير عبد الرزاق (1/339).
[18169]:زيادة من ف.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ إِنّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } .

يقول تعالى ذكره : إن الذين صدقوا الله ورسوله ، وعملوا بطاعة الله ، وانتهوا إلى أمره ونهيه ، إنا لا نضيع ثواب من أحسن عملاً ، فأطاع الله ، واتبع أمره ونهيه ، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنات عدن تجري من تحتها الأنهار .

فإن قال قائل : وأين خَبَر «إنّ » الأولى ؟ قيل : جائز أن يكون خبرها قوله : إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلاً فيكون معنى الكلام : إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا ، فترك الكلام الأوّل ، واعتمد على الثاني بنية التكرير ، كما قيل : يَسْألُونَكَ عَنِ الشّهْرِ الحَرَامِ قِتالٍ فِيهِ بمعنى : عن قتال فيه على التكرير ، وكما قال الشاعر :

إنّ الخَلِيفَةَ إنّ اللّهَ سَرْبَلَهُ *** سِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الخَواتِيمُ

ويروى : تُرْخَى وجائز أن يكون : إنّ الّذِينَ آمَنُوا جزاءً ، فيكون معنى الكلام : إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره ، فتضمر الفاء في قوله «إنّا » وجائز أن يكون خبرها : أولئك لهم جنات عدن ، فيكون معنى الكلام : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أولئك لهم جنات عدن .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

قوله عز وجل : { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } اعتراض مؤكد للمعنى ، مذكر بأفضال الله ، منبه على حسن جزائه بين قوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقوله { أولئك } ، فقوله تعالى : { أولئك لهم جنات عدن } ابتداء وخبر جملة ، هي خبر { إن } الأولى ، ونحو هذا من الاعتراض قول الشاعر : [ البسيط ]

إن الخليفة إن الله ألبسه . . . سربال ملك به ترجى الخواتيم{[7805]}

قال الزجاج : ويجوز أن يكون خبر { إن } في قوله { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } لأن المحسنين هم المؤمنون فكأن المعنى : لا يضيع أجرهم .

قال القاضي أبو محمد : ومذهب سيبويه أن الخبر في قوله { لا نضيع } على حذف العائد تقديره ، { من أحسن عملاً } منهم .


[7805]:البيت من شواهد الفراء في (معاني القرآن 2- 140)، قال: "خبر {الذين آمنوا} في قوله: {إنا لا نضيع}، وهو مثل قول الشاعر: (إن الخليفة إن الله سربله البيت)، كأنه في المعنى: إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا، فترك الكلام الأول واعتمد على الثاني بنية التكرار، كما قال تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام}، قال: {قتال فيه}، يريد: عن قتال فيه بالتكرار، ويكون أن تجعل {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} في مذهب جزاء، كقولك: إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره، فتضمر، فتضمن الفاء في قوله: [فإنا] وإلقاؤها جائز، وهي أحب الوجوه إلي، وإن شئت جعلت خبرهم مؤخرا، كأنك قلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنات عدن". هذا، والسربال: الدرع.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً مراعى فيه حال السامعين من المؤمنين ، فإنهم حين يسمعون ما أعد للمشركين تتشوف نفوسهم إلى معرفة ما أعد للذين آمنوا ونبذوا الشرك فأعلِموا أن عملهم مرعي عند ربهم . وجريا على عادة القرآن في تعقيب الوعيد بالوعد والترهيب بالترغيب .

وافتتاح الجملة بحرف التوكيد ( إن ) لتحقيق مضمونها . وإعادةُ حرف ( إن ) في الجملة المخبر بها عن المبتدأ الواقع في الجملة الأولى لمزيد العناية والتحقيق كقوله تعالى في سورة الحج ( 17 ) { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة } وقوله تعالى : { قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم } [ الجمعة : 8 ] ومثله قول جرير :

إن الخليفة إن الله سَرْبله *** سِربال مُلك به تُزجَى الخواتيمُ

وموقع ( إن ) الثانية في هذه الآية أبلغ منه في بيت جرير لأن الجملة التي وقعت فيها في هذه الآية لها استقلال بمضمونها من حيث هي مفيدة حكماً يعم ما وقعت خبراً عنه وغيره من كل من يماثل الخبر عنهم في عملهم ، فذلك العموم في ذاته حكم جدير بالتأكيد لتحقيق حصوله لأربابه بخلاف بيت جرير .

وأما آية سورة الحج فقد اقتضى طولُ الفصل حرف التأكيد حرصاً على إفادة التأكيد .

والإضاعة : جعل الشيء ضائعاً . وحقيقة الضيعة : تلف الشيء من مظنة وجوده . وتطلق مجازاً على انعدام الانتفاع بشيء موجود فكأنه قد ضاع وتلف ، قال تعالى : { أني لا أضيع عَمَل عامل منكم } في سورة آل عمران ( 195 ) ، وقال : { وما كان الله ليُضِيع إيمانكم } في البقرة ( 143 ) . ويطلق على منع التمكين من شيء والانتفاع به تشبيهاً للممنوع بالضائع في اليأس من التمكن منه كما في هذه الآية ، أي أنا لا نَحْرم من أحسن عملاً أجرَ عمله . ومنه قوله تعالى : { إنّ الله لا يضيع أجر المحسنين } [ التوبة : 120 ] .