مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

قوله تعالى :{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا } اعلم أنه تعالى لما ذكر وعيد المبطلين أردفه بوعد المحقين وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : قوله : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يدل على أن العمل الصالح مغاير للإيمان لأن العطف يوجب المغايرة .

المسألة الثانية : قوله : { إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } ظاهره يقتضي أنه يستوجب المؤمن بحسن عمله على الله أجرا ، وعند أصحابنا ذلك الاستيجاب حصل بحكم الوعد وعند المعتزلة لذات الفعل وهو باطل لأن نعم الله كثيرة وهي موجبة للشكر والعبودية فلا يصير الشكر والعبودية موجبين لثواب آخر لأن أداء الواجب لا يوجب شيئا آخر .

المسألة الثالثة : نظير قوله : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الخ قول الشاعر :

إن الخليفة إن الله سربله*** سربال ملك به ترجى الخواتيم

كرر أن تأكيدا للأعمال والجزاء عليها .