البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

لما ذكر تعالى حال أهل الكفر وما أعد لهم في النار ذكر حال أهل الإيمان وما أعد لهم في الجنة ، وخبر { إن } يحتمل أن تكون الجملة من قوله أولئك لهم .

وقوله { إنّا لا نضيع } الجملة اعتراض .

قال ابن عطية : ونحو هذا من الاعتراض قول الشاعر :

إن الخليفة إن الله ألبسه***سربال ملك به ترجى الخواتيم

انتهى ، ولا يتعين في قوله إن الله ألبسه أن يكون اعتراضاً هي اسم إن وخبرها الذي هو ترجى الخواتيم ، يجوز أن يكون إن الله ألبسه هو الخبر ، ويحتمل أن يكون الخبر قوله { إنّا لا نضيع أجر } والعائد محذوف تقديره { من أحسن عملاً } منهم .

أو هو قوله { من أحسن عملاً } على مذهب الأخفش في ربطه الجملة بالاسم إذا كان هو المبتدأ في المعنى ، لأن { من أحسن عملاً } هم { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } فكأنه قال : إنّا لا نضيع أجرهم ، ويحتمل أن تكون الجملتان خبرين لأن على مذهب من يقتضي المبتدأ خبرين فصاعداً من غير شرط أن يكونا ، أو يكن في معنى خبر واحد .

وإذا كان خبر { إن } قوله { إنّا لا نضيع } كان قوله { أولئك } استئناف إخبار موضح لما انبهم في قوله { إنّا لا نضيع } من مبهم الجزاء .

وقرأ عيسى الثقفي { لا نضيع } من ضيع عداه بالتضعيف ، والجمهور من أضاع عدوّه بالهمزة ،