روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} (30)

{ إِنَّ الذين ءامَنُواْ } في محل التعليل للحث على الإيمان المنفهم من التخيير كأنه قيل وللذين آمنوا ، ولعل تغيير السبك للإيذان بكمال تنافي حالي الفريقين أي إن الذين آمنوا بالحق الذي يوحي إليك { وَعَمِلُواْ الصالحات } حسبما بين في تضاعيفه .

{ إنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } وقرأ عيسى الثقفي { لاَ نُضِيعُ } بالتضعيف ، وعلى القراءتين الجملة خبر إن الثانية وخبر إن الأولى الثانية بما في حيزها والرابط ضمير محذوف تقديره من أحسن عملاً منهم ، ولا يرد أنه يقتضي أن منهم من أحسن ومنهم من لم يحسن لأن ذلك على تقدير كون من تبعيضية وليس بمتعين لجواز كونها ببيانية ولو سلم فلا بأس به فإن الإحسان زيادة الإخلاص الوارد في حديث الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، لكن يبقى على هذا حكم من لم يحسن بهذا المعنى منهم أو الرابط الاسم الظاهر الذي هو المبتدأ في المعنى على ما ذهب إليه الأخفش من جعله رابطاً فإن من أحسن عملاً في الحقيقة هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات . واعترض بأنه يأباه تنكير { عَمَلاً } لأنه للتقليل . وأجيب بأنه غير متعين لذلك إذ النكرة قد تعم في الإثبات ومقام المدح شاهد صدق أو الرابط عموم من بناء على أن العموم قد يكون رابطاً كما في زيد نعم الرجل على قول وفيه مناقشة ظاهرة .

ولعل الأولى كون الخبر جملة قوله تعالى : { أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ }