المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

72- حسان العيون مقصورات في خيامهن .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* حور مقصورات في الخيام } مستورات في الحجال ، يقال : امرأة مقصورة وقصيرة إذا كانت مخدرة مستورة لا تخرج . وقال مجاهد : يعني قصرن طرفهن وأنفسهن على أزواجهن فلا يبغين لهم بدلاً . وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بين السماء والأرض ولملأت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " . { في الخيام } جمع خيمة .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد ابن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن المثنى ، أنبأنا عبد العزيز ابن عبد الصمد ، أنبأنا عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، عرضها ستون ميلاً ، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن " .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

وقوله { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام } بدل من خيرات . والحور : جمع حوراء ، وهى المرأة ذات الحور ، أى : ذات العين التى اشتد بياضها واشتد سوادها فى جمال وحسن .

ومقصورات : جمع مقصورة أى : محتجبة فى بيتها ، قد قصرت نفسها على زوجها . . فهى لا تجرى فى الطرقات . . . بل هى ملازمة لبيتها ، وتلك صفة النساء الفضليات اللاتى يزورهن من يريدهن ، أما هن فكما قال الشاعر :

ويكرمها جاراتها فيزرنها . . . وتعتل عن إتيانهن فَتُعذر

أى : فى تلك الجنات نساء خيرات فضليات جميلات مخدرات . ملازمات لبيوتهن ، لا يتطلعن إلى غير رجالهن .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

ثم قال : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } ، وهناك قال : { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } ، ولا شك أن التي قد قَصَرَت طرفها بنفسها أفضل ممن قُصرت ، وإن كان الجميع مخدرات .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن القاسم بن أبي بزَّة ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : إن لكل مسلم خَيرة ، ولكل خَيرة خيمة ، ولكل خيمة أربعة أبواب ، يدخل عليها {[27949]} كل يوم تحفة وكرامة وهدية لم تكن قبل ذلك ، لا مَرّاحات ولا طَمّاحات ، ولا بخرات ولا ذفرات ، حور عين ، كأنهن بيض مكنون .

وقوله : { فِي الْخِيَامِ } ، قال البخاري :

حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة ، عرضها ستون {[27950]} ميلا في كل زاوية منها أهلٌ ما يَرون الآخرين ، يطوف عليهم المؤمنون " .

ورواه أيضا من حديث أبي عمران ، به {[27951]} . وقال : " ثلاثون ميلا " . وأخرجه مسلم من حديث أبي عمران ، به . ولفظه : " إن للمؤمن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهل {[27952]} يطوف عليهم المؤمن ، فلا يرى بعضهم بعضا " {[27953]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا عبد الرزَّاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، أخبرني خُلَيْد العَصَري ، عن أبي الدرداء قال : الخيمة لؤلؤة واحدة ، فيها سبعون بابا من در .

وحدثنا أبي حدثنا عيسى بن أبي فاطمة ، حدثنا جرير ، عن هشام ، عن محمد بن المثنى ، عن ابن عباس في قوله : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } ، وقال : [ في ] {[27954]} خيام اللؤلؤ ، وفي الجنة خيمة واحدة من لؤلؤة ، أربع فراسخ في أربعة فراسخ ، عليها أربعة آلاف مصراع من الذهب .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرنا عمرو أن دَرَّاجا أبا السَّمح حدثه ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم ، واثنتان وسبعون زوجة ، وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت ، كما بين الجابية وصنعاء " .

ورواه الترمذي من حديث عمرو بن الحارث ، به{[27955]} .


[27949]:- (4) في م: "عليهم".
[27950]:- (5) في أ: "سبعون".
[27951]:- (6) صحيح البخاري برقم (4879)، (3243).
[27952]:- (1) في م: "أهلون".
[27953]:- (2) صحيح مسلم برقم (2838).
[27954]:- (3) زيادة من م.
[27955]:- (4) سنن الترمذي برقم (2562) وقال: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين". ولم يتفرد به رشدين بل تابعه ابن وهب كما هنا، وفي إسناده دراج يروي عن أبي الهيثم مناكير.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

القول في تأويل قوله تعالى : { حُورٌ مّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنّ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء الخيرات الحسان حُورٌ يعني بقول حور : بِيض ، وهي جمع حوراء ، والحوراء : البيضاء .

وقد بيّنا معنى الحور فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد حُورٌ قال : بيض .

قال : ثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن مسلم ، عن مجاهد حُورٌ قال : بيض .

قال : ثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد حُورٌ قال : النساء .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : حُورٌ مَقْصُورَات الحوراء : العَيْناء الحسناء .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان : الحور : سواد في بياض .

قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الحور : البيض قلوبهم وأنفسهم وأبصارهم .

وأما قوله : مَقْصُورَاتٌ فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله ، فقال بعضهم : تأويله أنهنّ قُصِرْن على أزواجهنّ ، فلا يبغين بهم بدلاً ، ولا يرفعن أطرافهنّ إلى غيرهم من الرجال . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قُصِر طرفهنّ وأنفسهنّ على أزواجهنّ .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد مَقْصُورَاتٌ قال : قُصِر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قَصَرْن أنفسَهنّ وأبصارهنّ على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا عبيد الله وابن اليمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قصرن أنفسهنّ وقلوبهنّ وأبصارهنّ على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : قصر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور عن مجاهد ، قوله : مَقْصُورَاتٌ قال : مقصورات على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم .

وقال آخرون : عُنِي بذلك أنهنّ محبوسات في الحِجال . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : محبوسات في الخيام .

حدثنا جعفر بن محمد البزوري ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، بمثله .

حدثنا أبو هشام الرفاعيّ ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مَقْصُورَاتٌ قال : محبوسات .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، قال : أخبرنا أبو معشر السندي ، عن محمد بن كعب ، قال : محبوسات في الحِجال .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيام قال : لا يبرحن الخيام .

حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا عثام بن عليّ ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : عَذارَى الجنة .

حدثنا أبو كُرَيب وأبو هشام قالا : حدثنا عثام بن عليّ ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، مثله .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مَقْصُورَاتٌ قال : المحبوسات في الخيام لا يخرجن منها .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : محبوسات ، ليس بطوّافات في الطرق .

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تبارك وتعالى وصفهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام والقصر : هو الحبس ولم يخصص وصفهنّ بأنهنّ محبوسات على معنى من المعنيين اللذين ذكرنا دون الاَخر بل عمّ وصفهنّ بذلك . والصواب أن يعمّ الخبر عنهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام على أزواجهنّ ، فلا يردن غيرهم ، كما عمّ ذلك .

وقوله : فِي الخِيامِ يعني بالخيام : البيوت ، وقد تسمي العرب هوادج النساء خياما ومنه قول لبيد :

شاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيّ يَوْمَ تَحَمّلُوا *** فَتَكَنّسُوا قُطُنا تُصِرّ خِيامُها

وأما في هذه الاَية فإنه عُنِيَ بها البيوت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا يحيى ، عن سعيد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا عبد الملك بن ميسرة ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الدرّ المجوّف .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الملك ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، مثله .

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ ، قال : حدثنا فضيل بن عياش ، عن هشام ، عن محمد ، عن ابن عباس في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الخيمة لؤلؤة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس فِي الخِيامِ قال : بيوت اللؤلؤ .

حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا إدريس الأودي ، عن شمر بن عطية ، عن أبي الأحوص ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتدرون ما حور مقصورات في الخيام ؟ الخيام : درّ مجوّف .

قال : ثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا مسعر ، عن عبد الملك ، عن أبي الأحوص ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : درّ مجوّف .

وبه عن أبي الأحوص قال : الخيمة : درّة مجوّفة فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب .

قال : ثنا أبو داود ، قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : الخيمة في الجنة من درّة مجوّفة ، فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع .

حدثني أحمد بن المقدام ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت أبي يحدّث ، عن قتادة ، عن خليد العصريّ قال : لقد ذكر لي أن الخيمة لؤلؤة مجوّفة لها سبعون مِصْراعا ، كلّ ذلك من درّ .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سعيد بن جُبير أنه قال : الخيام : درّ مجوّف .

قال : ثنا يحيى ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الخيام : درّ مجوّف .

حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا وكيع ويعلى عن منصور ، عن مجاهد : في الخيام : قال : الدرّ المجوف .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد فِي الخِيامِ قال : خيام درّ مجوّف .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن حرب بن بشير ، عن عمرو بن ميمون ، قال : الخيام : الخيمة : درّة مجوّفة .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا وكيع ، عن سَلَمة بن نُبَيط ، عن الضحاك ، قال : الخيمة : درّ مجوّفة .

حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا ابن اليمان ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب فِي الخِيام : في الحجال .

قال : ثنا عبيد الله وابن اليمان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع فِي الخِيامِ قال : في الحجال .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن منصور ، عن مجاهد : في الخِيامِ قال : خيام اللؤلؤ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فِي الخِيامِ الخيام اللؤلؤ والفضة ، كما يقال والله أعلم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ ذُكر لنا أن ابن عباس كان يقول : الخيمة درّ مجوّفة ، فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف باب من ذهب .

وقال قتادة : كان يقال : مسكن المؤمن في الجنة ، يسير الراكب الجواد فيه ثلاث ليال وأنهاره وجنانه وما أعدّ الله له من الكرامة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال ابن عباس : الخيمة : درّة مجوّفة ، فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف باب من ذهب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال يقال : خيامهم في الجنة من لؤلؤ .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : الخيام : الدرّ المجوّف .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثني حِرْميّ بن عمارة ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عمارة ، عن أبي مجلز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قول الله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : «دُرّ مُجَوّفٌ » .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول كان ابن مسعود يحدّث ، عن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «هِيَ الدّرّ المُجَوّفُ » يعني الخيام في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيامِ قال : في خيام اللؤلؤ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

وقوله : { مقصورات } أي محجوبات . وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت ، ومنه قول الشاعر [ أبو قيس بن الأسلت ] : [ الطويل ]

وتعتل في إتيانهن فتعذر . . . {[10856]}

يصف أن جارتها يزرنها ولا تزورهن . ويروى أن بيت الأعشى قد ذم وهو قوله : [ البسيط ]

كأن مشيتها من بين جارتها . . . مر السحابة لا ريث ولا عجل{[10857]}

فقيل في ذمه : هذه جوالة خراجة ولاجة ، ومن مدح القصر قول كثير : [ الطويل ]

وأنت التي حببت كل قصيرة . . . إليّ ولم تشعر بذاك القصائر

أريد قصيرات الحجال ولم أرد . . . قصار الخطى شر النساء البحاتر{[10858]}

قال الحسن : { مقصورات في الخيام } ليس بطوافات في الطرق ، و { الخيام } : البيوت من الخشب والثمام{[10859]} وسائر الحشيش ، وهي بيوت المرتحلين من العرب ، وخيام الجنة بيوت اللؤلؤ . وقال عمر بن الخطاب : هي در مجوف . ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان بيت المسكين عند العرب من شعر فهو بيت ، ولا يقال له خيمة ، ومن هذا قول جرير : [ الوافر ]

متى كان الخيام بذي طلوح . . . سقيت الغيث أيتها الخيام{[10860]}

ومنه قول امرئ القيس : [ المتقارب ]

أمرخ خيامهم أم عشر ؟{[10861]}

يستفهم هل هم منجدون أم غائرون لأن العشر مما لا ينبت إلا في تهامة ، والمرخ مما لا ينبت إلا في نجد .


[10856]:هذا عجز بيت قاله أبو قيس بن الأسلت الأنصاري،والبيت بتمامه: وتكسل عن جارتها فيزرنها وتغفل عن إتيانها فتُعذر والكسل: التثاقل عن الأمر الذي لا ينبغي أن يتثاقل عنه، وتغفل: تسهو، والشاهد أن الشاعر يمدحها بذلك إذ ملازمة البيت تدل على الصيانة.
[10857]:قال الأعشى هذا البيت من قصيدته المعروفة التي بدأها بالحديث عن هريرة، فقال:"ودع هريرة إن الركب مُرتحل"، وقبله يقول: غراء فرعاء مصقول عوارضها تمشي الهُوينى كما يمشي الوجي الوحل فهو يصفها بأنها بيضاء، طويلة الشعر، لامعة الأسنان، تمشي ببطء كأن مشيتها حين تخرج من بيت جارتها مرور السحابة لا بطء فيها ولا سرعة، فهو يمشي هادئ رزين، ووجه النقد ذكره المؤلف وإن كان فيما قاله مبالغة، فإن كلمات "جوالة...الخ" جاءت في صيغة مبالغة لا تحتملها ألفاظ البيت، ومجرد الزيارة لجارتها لا يعطي هذه الأوصاف. والوجي هو الذي أصابه وجع في باطن رجله.
[10858]:هذا الوصف من كُثير يؤيد المعنى الذي ذكره ابن عطية وهو مدح القصر بمعنى الحَجب في البيت والمنع من الخروج، يقال: امرأة قصيرة وقَصورة بمعنى مقصورة في البيت ممنوعة من الخروج، وفي حديث أسماء الأشهلية:"إنا معشر النساء محصورات مقصورات"، والبيتان في اللسان والتاج، والرواية فيهما:"عنيت قصيرات الحِجال ولم أرد..."، وفي التهذيب:"قصورات الحجال"، وفي رواية الفراء للبيت الأول:"لعمري لقد حبّبت كل قصورة"، والبيتان أيضا في "القرطبي"و"البحر المحيط"، والحجال جمع حجلة وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور، والبَحاتر جمع بُحترة-بضم الباء- وهي القصيرة المجتمعة الخلق.
[10859]:الثمام: عُشب من الفصيلة النجيلية يرتفع إلى مائة وخمسين سنتميترا، فروعه مزدحمة متجمعة، والنورة منه سنبلة مدلاة، وكانوا يستخدمونه في تغطية البيوت التي يصنعونها من فروع الشجر وأخشابه، قيل: كانوا يتخذون ثلاثة أعواد أو أربعة من الخشب ثم يضعون عليها الثمام.
[10860]:هذا مطلع قصيدة لجرير، والخيمة: بيت من بيوت الأعراب مستدير يبنيه الأعراب من عيدان الشجر، بحيث يقيمون ثلاثة أعواد أو أربعة وينثرون فوقها الثُّمام، ولهذا قال جرير بعد هذا البيت: تنكر من معارفها ومالت دعائمها وقد بلي الثُّمام وهو نبت تظل به الخيام. وذو الطلوح: مكان، يدعو لهذه الخيام إذا كانت في هذا المكان بالري والخير، قال بعض علماء اللغة:"كأنه لم يكن بذي طلوح خيام قط"، وجرير يقول عنها خيام لأنها لم تصنع من شعر، بل أقيمت من خشب وحشيش.
[10861]:هذا صدر بيت قاله امرؤ القيس من قصيدة له يصف فرسه وخروجه إلى الصيد، والبيت بتمامه: أم مرخ خيامهم أم عُشُر أم القلب في إثرهم منحدر؟ والمرخ: شجر قصير ويكثر في نجد، والعُشُر: شجر طويل ويكثر بالغور، والشاعر يستفهم كما قال ابن عطية، والشاهد أن الشاعر تحدث عن الخيمة التي تصنع من أشجار المرخ أو العُشُر ولم تصنع من شعر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ} (72)

و { حور } بدل من { خيرات } . والحُور : جمع حَوراء وهي ذات الحَوَر بفتح الواو ، وهو وصف مركب من مجموع شدة بياض أبيض العين وشدة سواد أسودها وهو من محاسن النساء ، وتقدم عند قوله تعالى : { وزوجناهم بحور عين } في سورة الدخان ( 54 ) .

ووصف نساء الجنتين الأوليين { بقاصرات الطرف } . ووصف نساء الجنات الأربع بأنهن { حور مقصورات } في الخيام ، فعلم أن الصفات الثابتة لنساء الجنتين واحدة .

والمقصورات : اللاَّءِ قُصِرت على أزواجهن لا يعدون الأنس مع أزواجهن ، وهو من صفات الترف في نساء الدنيا فهنّ اللاء لا يحتجن إلى مغادرة بيوتهن لخدمة أو وِرد أو اقتطاف ثمار ، أي هن مخدومات مكرمات كما قال أبو قيس بن الأسلت :

ويكرمها جاراتها فيزرْنَها *** وتَعْتَلَّ عن إتيانهن فتُعذر

والخيام : جمع خَيمة وهي البيت ، وأكثر ما تقال على البيت من أدم أو شعر تقام على العَمَد وقد تطلق على بيت البناء .