وقوله تعالى : { حُورٌ } بدل من { خيرات } [ الرحمن : 70 ] وهو جمع حوراء وكذا جمع أحور ، والمراد بيض كما أخرجه ابن المنذر . وغيره عن ابن عباس وروته أم سلمة أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن الأثير : الحوراء هي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها ، وفي «القاموس » الحور بالتحريك أن يشتد بياض العين وسواد سوادها وتستدير حدقتها وترق جفونها ويبيض ما حواليها . أو شدة بياضها وسوادها في بياض الجسد ، أو اسوداد العين كلها مثل الظباء ولا يكون في بني آدم بل يستعار لها ، وإذا صح حديث أم سلمة لم يعدل في القرآن عن تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم .
{ مقصورات فِى الخيام } أي مخدرات يقال : امرأة قصيرة ومقصورة أي مخدرة ملازمة لبيتها لا تطوف في الطرق ، قال كثير عزة :
وأنت التي حبّبت كل قصيرة *** إليّ ولم تشعر بذاك القصائر
عنيت ( قصيرات الحجال ) ولم أرد *** قصار الخطا شر النساء البحاتر
والنساء يمدحن بملازمتهن البيوت لدلالتها على صيانتهن كما قال قيس بن الأسلت :
وتكسل عن جاراتها فيزرنها *** وتغفل عن أبياتهن «فتعذر »
وهذا التفسير مأثور عن ابن عباس . والحسن . والضحاك وهو رواية عن مجاهد ، وأخرج ابن أبي شيبة . وهناد بن السري . وابن جرير عنه أنه قال : { مقصورات } قلوبهن وأبصارهن ونفوسهن على أزواجهن ، والأول أظهر ، و { فِى الخيام } عليه متعلق بمقصورات ، وعلى الثاني يحتمل ذلك ، ويحتمل كونه صفة ثانية لحور فلا تغفل ، والخيام جمع خيمة وهي على ما في «البحر » بيت من خشب وثمام وسائر الحشيش ، وإذا كان من شعر فهو بيت ولا يقال له خيمة . وقال غير واحد : هي كل بيت مستدير أو ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثمام ويستظل بها في الحر أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر وتجمع أيضاً على خيمات وخيم بفتح فسكون وخيم بالفتح وكعنب والخيام هنا بيوت من لؤلؤ أخرج ابن أبي شيبة وجماعة عن ابن عباس أنه قال : الخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة أربعة فراسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، وأخرج جماعة عن أبي الدرداء أنه قال : الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون باباً من در ، وأخرج البخاري . ومسلم . والترمذي . وغيرهم عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون يطوف عليهم المؤمن ، إلى ذلك من الأخبار ، وقوله سبحانه : { فِيهِنَّ } [ الرحمن : 70 ] الخ دون ما تقدم في الجنتين السابقتين أعني قوله عز وجل : { فِيهِنَّ قاصرات الطرف } [ الرحمن : 56 ] إلى قوله تعالى : { كَأَنَّهُنَّ الياقوت والمرجان } [ الرحمن : 58 ] في المدح عند من فضلهما على الأخيرتين قيل لما في { مقصورات } على التفسير الثاني من الإشعار بالقسر في القصر ، وأما على تفسيره الأول فكونه دونه ظاهر وإن لم يلاحظ كونها مخدرة فيما تقدم ، أو يجعل قوله تعالى : { كَأَنَّهُنَّ الياقوت والمرجان } كناية عنه لأنهما مما يصان كما قيل :
جوهرة أحقاقها الخدور *** ومن ذهب إلى تفضيل الأخيرتين يقول : هذا أمدح لعموم { خيرات حِسَانٌ } [ الرحمن : 70 ] الصفات الحسنة خَلقاً وخُلُقاً ويدخل في ذلك قصر الطرف وغيره مما يدل عليه التشبيه بالياقوت والمرجان ، والمراد بالقاصر على التفسير الثاني لمقصورات القاصر الطبيعي بقرينة المقام فيكون فيه إشارة إلى تعذر ترك القصر منهن ، و { قاصرات الطرف } ربما يوهم أن القصر باختيارهن فمتى شئن قصرن ومتى لم يشأن لم يقصرن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.