ثم زاد في وصفهنّ بقوله تعالى : { حور } جمع حوراء وهي الشديدة سواد العين الشديدة بياضها { مقصورات } والمقصورات المحبوسات المستورات { في الخيام } وهي الحجال ، فلسن بالطوّافات في الطرق ؛ قاله ابن عباس ، والنساء تمدح بملازمتهنّ البيوت كما قال قيس بن الأسلت :
وتكسل عن جيرانها فيزرنها *** وتعتل من إتيانهنّ فتعذر
ويقال امرأة مقصورة وقصيرة وقصورة بمعنى واحد ، قال كثير عزة :
وأنت التي حببت كلّ قصيرة *** إليّ ولم يعلم بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد *** قصار الخطا شر النساء البحاتر
والخيام : جمع خيمة ، وهي : أربعة أعواد تنصب وتسقف بشيء من نبات الأرض ، وجمعها خيم ، كتمرة وتمر ، وتجمع الخيم على خيام فهو جمع الجمع ؛ وأمّا ما يتخذ من شعر أو وبر أو نحوه فيقال له : خباء ، وقد يطلق عليه خيمة تجوّزاً . وقال عمر : الخيمة درة مجوّفة . وقاله ابن عباس قال : وهي فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب . وفي الحديث : «أنّ في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها : ستون ميلاً ؛ في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمنون » . وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي : قال : بلغنا أن سحابة أمطرت من العرش فخلقن أي : الحور العين من قطرات الرحمة ، ثم ضرب على كل واحدة خيمة على شاطئ الأنهار سعتها أربعون ميلاً وليس لها باب ، حتى إذا دخل وليّ الله تعالى بالخيمة انصدعت الخيمة عن باب ليعلم وليّ الله أنّ أبصار المخلوقين من الملائكة والخدم لم تأخذها ، فهي مقصورة قد قصرها الله عن أبصار المخلوقين . وقال مجاهد : معناه قصرن أطرافهنّ وأنفسهنّ على أزواجهنّ فلا يبغين بدلاً . وقال صلى الله عليه وسلم : «لو أنّ امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها » .
فائدة : اختلفوا أيما أكثر حسناً وأتم جمالاً ، الحور أم الآدميات ؛ فقيل : الحور لما ذكر في وصفهنّ في القرآن والسنة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في دعائه في صلاة الجنازة : «وأبدله زوجاً خيراً من زوجه » . وقيل : الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف روي ذلك مرفوعاً . وقيل : إن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النبيين والمؤمنين ، يخلقن في الآخرة على أحسن صورة ، قاله الحسن البصري ، قال ابن عادل : والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا ، إنما هنّ مخلوقات في الجنة لأنّ الله تعالى قال : { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جانّ } وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات ا . ه . لكن مرّ أنه لم يطمثهن بعد إنشائهن خلقاً آخر وعلى هذا لا دليل في ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.