المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ} (22)

22 - وجوه يومئذٍ حسنة ناعمة إلى ربها ناظرة بدون تحديد بصفة أو جهة أو مسافة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ} (22)

{ وجوه يومئذ } يوم القيامة { ناضرة } قال ابن عباس : حسنة ، وقال مجاهد : مسرورة . وقال ابن زيد : ناعمة . وقال مقاتل : بيض يعلوها النور . وقال السدي : مضيئة . وقال يمان : مسفرة . وقال الفراء : مشرقة بالنعيم . يقال : نضر الله وجهه ينضر نضراً ، ونضره الله وأنضره ونضر وجهه ينضر نضرةً ونضارة . قال الله تعالى : { تعرف في وجوههم نضرة النعيم } ( المطففين- 24 ) .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ} (22)

ثم بين - سبحانه - حال السعداء والأشقياء يوم القيامة فقال : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ . وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ . تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } .

وقوله : { ناضرة } اسم فاعل من النَّضْرة - بفتح النون المشددة وسكون الضاد - وهى الجمال والحسن . تقول : وجه نضير ، إذا كان حسنا جميلا .

وقوله : { باسرة } من البسور وهو شدة الكلوح والعبوس ، ومنه قوله - تعالى - { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } يقال : بسَر فلان يبسُر بسُورا ، إذا قبض ما بين عينيه كراهية للشئ الذى يراه .

والفاقرة : الداهية العظمية التى لشدتها كأنها تقصم فقار الظهر . يقال : فلان فقرته الفاقرة ، أى : نزلت به مصيبة شديدة أقعدته عن الحركة ، وأصل الفَقْر : الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلُصَ إلى العظم أو ما يقرب منه .

والمراد بقوله : { يومئذ } : يوم القيامة الذى تكرر ذكره فى السورة أكثر من مرة .

والجملة المقدرة المضاف إليها " إذ " والمعوض عنها بالتنووين تقديرها يوم إذ برق البصر .

والمعنى : يوم القيامة ، الذى يبرق فيه البصر ، ويخسف القمر . . تصير وجوه حسنة مشرقة ، ألا وهى وجوه المؤمنين الصادقين . . وهذه الوجوه تنظر إلى ربها فى هذا اليوم نظرة سرور وحبور ، بحيث تراه - سبحانه - على ما يليق بذاته ، وكما يريد أن تكون رؤيته - عز وجل - بلا كيفية ، ولا جهة ، ولا ثبوت مسافة .

وهناك وجوه أخرى تصير فى هذا اليوم كالحة شديدة العبوس ، وهى وجوه الكافرين والفاسقين عن أمر ربهم ، وهذه الوجوه { تَظُنُّ } أى : تعتقد أو تتوقع ، أن يفعل بها فعلا يهلكها ، ويقصم ظهورها لشدته وقسوته .

وجاء لفظ " وجوه " فى الموضعين منكرا ، للتنويع والتقسيم ، كما فى قوله - تعالى - { فَرِيقٌ فِي الجنة وَفَرِيقٌ فِي السعير } وكما فى قول الشاعر :

فيوم علينا ويوم لنا . . . ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَر

وقد أخذ العلماء من قوله - تعالى - : { إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } أن الله - تعالى - يتكرم على عباده المؤمنين فى هذا اليوم ، فيربهم ذاته بالكيفية التى يريدها - سبحانه - .

ومنهم من فسر { نَّاضِرَةٌ } بمعنى منتظرة ، أى : منتظرة ومتوقعة ما يحكم الله - تعالى - به عليها .

قال الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات : وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله - عز وجل - فى الدار الآخرة ، فى الأحاديث الصحاح ، من طرق متواترة عند أئمة الحديث ، لا يمكن دفعها ولا منعها . لحديث أبى سعيد وأبى هريرة - وهما فى الصحيحين - " أن ناسا قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : " هل تضارون فى رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب " قالوا : لا ، قال : " فإنكم ترون ربكم كذلك " " .

وفى الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال : " نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال : " إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر " " .

ثم قال ابن كثير - رحمه الله - : وهذا - بحمد الله - مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة . كما هو متفق عليه بين أئمة الإِسلام ، وهداة الأنام .

ومن تأول { إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } فقال : تنتظر الثواب من ربها . . فقد أبعد هذا القائل النجعة ، وأبطل فيما ذهب إليه . وأين هو من قوله - تعالى - { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } قال الشافعى : ما حجَب الفجار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه - عز وجل - .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ} (22)

ثم قال تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ } من النضارة ، أي حسنة بَهِيَّة مشرقة مسرورة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ} (22)

وقوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ يقول تعالى ذكره : وجوه يومئذٍ ، يعني يوم القيامة ناضرة : يقول حسنة جميلة من النعيم يقال من ذلك : نَضُر وجه فلان : إذا حَسُن من النعمة ، ونضّر الله وجهه : إذا حسّنه كذلك .

واختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم بالذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن إسماعيل البخاري ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا المبارك ، عن الحسن وُجُوهٌ يَوْمئِذٍ ناضِرَةٌ قال : حسنة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال : نُضرة الوجوه : حُسنها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال : الناضرة : الناعمة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال : الوجوه الحسنة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال : من السرور والنعيم والغبطة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك أنها مسرورة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال : مسرورة .

إلى رَبها ناظِرَة اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : أنها تنظر إلى ربها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري قالا : حدثنا عليّ بن الحسن بن شقيق ، قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد النحويّ ، عن عكرِمة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنظر إلى ربها نظرا .

حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، قال : سمعت أبي يقول : أخبرني الحسين بن واقد في قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ من النعيم إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : أخبرني يزيد النحوي ، عن عكرِمة وإسماعيل بن أبي خالد ، وأشياخ من أهل الكوفة ، قال : تنظر إلى ربها نظرا .

حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، قال : حدثنا آدم قال : حدثنا المبارك ، عن الحسن ، في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال : حسنة إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنظر إلى الخالق ، وحُقّ لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق .

حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا أبو عرفجة ، عن عطية العوفي ، في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : هم ينظرون إلى الله لا تحيط أبصارهم به من عظمته ، وبصره محيط بهم ، فذلك قوله : لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنها تنتظر الثواب من ربها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عمر بن عبيد ، عن منصور ، عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنتظر منه الثواب .

قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنتظر الثواب من ربها .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنتظر الثواب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور عن مجاهد إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنتظر الثواب من ربها ، لا يراه من خلقه شيء .

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الأعمش ، عن مجاهد وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ قال : نضرة من النعيم إلى رَبّها ناظِرَةً قال : تنتظر رزقه وفضله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : كان أناس يقولون في حديث ، «فيرون ربهم » فقلت لمجاهد : إن ناسا يقولون إنه يُرَى ، قال : يَرى ولا يراه شيء .

قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنتظر من ربها ما أمر لها .

حدثني أبو الخطاب الحساني ، قال : حدثنا مالك ، عن سفيان ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنتظر الثواب .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ثوير ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى مُلكه وسُرُرِه وخدمه مسيرة ألف سنة ، يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وإن أرفع أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى وجه الله بُكرة وعشية » .

قال : ثنا ابن يمان ، قال : حدثنا أشجع ، عن أبي الصهباء الموصلي ، قال : «إن أدنى أهل الجنة منزلة ، من يرى سرره وخدمه ومُلكَهُ في مسيرة ألف سنة ، فيرى أقصاه كما يرى أدناه وإن أفضلهم منزلة ، من ينظر إلى وجه الله غدوة وعشية » .

وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب القول الذي ذكرناه عن الحسن وعكرِمة ، من أن معنى ذلك تنظر إلى خالقها ، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

حدثني عليّ بن الحسين بن أبجر ، قال حدثنا مصعب بن المقدام ، قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن ثوير ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ أدْنى أهْلِ الجَنّةِ مَنْزِلَةً ، لَمَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ ألْفَيْ سَنَةٍ قال : وإنّ أفضَلَهُمْ مَنْزِلَةً لَمَن يَنْظُرُ في وَجْهِ اللّهِ كُلّ يَوْم مَرّتَينِ قال : ثم تلا : وُحُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : بالبياض والصفاء ، قال : إلى رَبّها ناظِرَةٌ قال : تنظر كلّ يوم في وجه الله عزّ وجلّ » .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ} (22)

ولما ذكر الآخرة أخبر بشيء من حال أهلها بقوله : { وجوه } رفع بالابتداء وابتداء بالنكرة لأنها تخصصت بقوله { يومئذ } و { ناضرة } خبر { وجوه }