المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

109- ويقعون ثانيا على الوجوه سجداً باكين من خوف الله ، ويزيدهم القرآن تواضعاً لله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

قوله تعالى : { ويخرون للأذقان يبكون } أي : يقعون على الوجوه يبكون ، البكاء مستحب عند قراءة القرآن ، { ويزيدهم } ، نزول القرآن ، { خشوعاً } ، خضوعاً لربهم . نظيره قوله تعالى : { إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً } [ مريم – 58 ] .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو عمروا بن بكر محمد المزني ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجنيد ، حدثنا الحسن بن الفضل البجلي ، أنبأنا عاصم ، عن علي بن عاصم ، حدثنا المسعودي ، هو عبد الرحمن بن عبد الله ، عن عبد الرحمن مولى أبي طلحة عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يلج النار من بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري مسلم أبداً " .

أخبرنا أبو القاسم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أنبأنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق المؤذن ، أنبأنا أحمد بن بكر بن محمد بن حمدان ، حدثنا محمد بن يونس الكديمي ، أنبأنا عبد الله بن محمد الباهلي ، حدثنا أبو حبيب الغنوي ، حدثنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " حرمت النار على ثلاث أعين : عين بكت من خشية الله ، وعين سهرت في سبيل الله ، وعين غضت عن محارم الله " .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

ثم كرر - سبحانه - مدحه لهم فقال : { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } أى سماع القرآن { خشوعاً } وخضوعاً لله - عز وجل .

وكرر - سبحانه - خرورهم على وجوههم ساجدين لله - تعالى - لاختلاف السبب ، فهم أولا أسرعوا بالسجود لله تعظيماً له - سبحانه - وشكراً له على إنجازه لوعده .

وهم ثانياً أسرعوا بالسجود ، لفرط تأثرهم بمواعظ القرآن الكريم .

فأنت ترى هاتين الآيتين قد أمرتا النبى صلى الله عليه وسلم بالإِعراض عن المشركين ، وباحتقارهم وبازدراء شأنهم ، فإن الذين هم خير منهم وأفضل وأعلم قد آمنوا .

وفى ذلك ما فيه من التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن الله - تعالى - يقول له : يا محمد تَسلَّ عن إيمان هؤلاء الجهلاء ، بإيمان العلماء .

هذا ، وقد أخذ العلماء من هاتين الآيتين أن البكاء من خشية الله ، يدل على صدق الإِيمان ، وعلى نقاء النفس ، ومن الأحاديث التى وردت فى فضل ذلك ، ما أخرجه الترمذى عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس فى سبيل الله " .

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بآيتين دالتين على تفرده - سبحانه - بالتقديس والتعظيم والتمجيد والعبادة ، فقال - تعالى - : { قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَآءَ الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

73

ويغلبهم التأثر فلا تكفي الألفاظ في تصوير ما يجيش في صدورهم منه ، فإذا الدموع تنطلق معبرة عن ذلك التأثر الغامر الذي لا تصوره الألفاظ : ( ويخرون للأذقان يبكون ) . . ( ويزيدهم خشوعا ) فوق ما استقبلوه به من خشوع .

إنه مشهد مصور لحالة شعورية غامرة ، يرسم تأثير هذا القرآن في القلوب المتفتحة لاستقبال فيضه ؛ العارفة بطبيعته وقيمته بسبب ما أوتيت من العلم قبله . والعلم المقصود هو ما أنزله الله من الكتاب قبل القرآن ، فالعلم الحق هو ما جاء من عند الله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَيَزِيدُهُمۡ خُشُوعٗا۩} (109)

وقوله : { ويخرون للأذقان يبكون } تكرير للجملة باختلاف الحال المقترنة بها ، أعيدت الجملة تمهيداً لذكر الحال . وقد يقع التكرير مع العطف لأجل اختلاف القيود ، فتكون تلك المغايرة مصححة العطف ، كقول مُرة بن عَداء الفقعسي :

فَهَلاّ أعدُّوني لِمثلي تفاقدوا *** إذا الخصم أبْزى مائلُ الرأس أنكبُ

وهلا أعدوني لِمثلي تفاقدوا *** وفي الأرض مبثوث شُجاع وعقربُ

فالخرور المحكي بالجملة الثانية هو الخرور الأول ، وإنما خروا خروراً واحداً ساجدين باكين ، فذكر مرتين اهتماماً بما صحبه من علامات الخشوع .

وذكر { يبكون } بصيغة المضارع لاستحضار الحالة .

والبكاء بكاء فرح وبهجة . والبكاء : يحصل من انفعال باطني ناشىء عن حزن أو عن خوف أو عن شوق .

ويزيدهم القرآن خشوعاً على خشوعهم الذي كان لهم من سماع كتابهم .

ومن السنة سجود القارىء والمستمع له بقصد هذه الآية اقتداء بأولئك الساجدين بحيث لا يذكر المسلم سجود أهل الكتاب عند سماع القرآن إلا وهو يرى نفسه أجدر بالسجود عند تلاوة القرآن .