قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* حور مقصورات في الخيام } مستورات في الحجال ، يقال : امرأة مقصورة وقصيرة إذا كانت مخدرة مستورة لا تخرج . وقال مجاهد : يعني قصرن طرفهن وأنفسهن على أزواجهن فلا يبغين لهم بدلاً . وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بين السماء والأرض ولملأت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " . { في الخيام } جمع خيمة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد ابن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن المثنى ، أنبأنا عبد العزيز ابن عبد الصمد ، أنبأنا عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، عرضها ستون ميلاً ، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن " .
وقوله { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام } بدل من خيرات . والحور : جمع حوراء ، وهى المرأة ذات الحور ، أى : ذات العين التى اشتد بياضها واشتد سوادها فى جمال وحسن .
ومقصورات : جمع مقصورة أى : محتجبة فى بيتها ، قد قصرت نفسها على زوجها . . فهى لا تجرى فى الطرقات . . . بل هى ملازمة لبيتها ، وتلك صفة النساء الفضليات اللاتى يزورهن من يريدهن ، أما هن فكما قال الشاعر :
ويكرمها جاراتها فيزرنها . . . وتعتل عن إتيانهن فَتُعذر
أى : فى تلك الجنات نساء خيرات فضليات جميلات مخدرات . ملازمات لبيوتهن ، لا يتطلعن إلى غير رجالهن .
وقوله : { مقصورات } أي محجوبات . وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت ، ومنه قول الشاعر [ أبو قيس بن الأسلت ] : [ الطويل ]
وتعتل في إتيانهن فتعذر . . . {[10856]}
يصف أن جارتها يزرنها ولا تزورهن . ويروى أن بيت الأعشى قد ذم وهو قوله : [ البسيط ]
كأن مشيتها من بين جارتها . . . مر السحابة لا ريث ولا عجل{[10857]}
فقيل في ذمه : هذه جوالة خراجة ولاجة ، ومن مدح القصر قول كثير : [ الطويل ]
وأنت التي حببت كل قصيرة . . . إليّ ولم تشعر بذاك القصائر
أريد قصيرات الحجال ولم أرد . . . قصار الخطى شر النساء البحاتر{[10858]}
قال الحسن : { مقصورات في الخيام } ليس بطوافات في الطرق ، و { الخيام } : البيوت من الخشب والثمام{[10859]} وسائر الحشيش ، وهي بيوت المرتحلين من العرب ، وخيام الجنة بيوت اللؤلؤ . وقال عمر بن الخطاب : هي در مجوف . ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان بيت المسكين عند العرب من شعر فهو بيت ، ولا يقال له خيمة ، ومن هذا قول جرير : [ الوافر ]
متى كان الخيام بذي طلوح . . . سقيت الغيث أيتها الخيام{[10860]}
ومنه قول امرئ القيس : [ المتقارب ]
أمرخ خيامهم أم عشر ؟{[10861]}
يستفهم هل هم منجدون أم غائرون لأن العشر مما لا ينبت إلا في تهامة ، والمرخ مما لا ينبت إلا في نجد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.