المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

24- أصحاب الجنة يوم القيامة خير مستقراً وأحسن منزلا ومأوى للاسترواح ، لأنه الجنة المعدة للمؤمنين لا النار المعدة للكافرين .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

قوله تعالى : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً } أي : من هؤلاء المشركين المتكبرين ، { وأحسن مقيلاً } موضع قائلة ، يعني : أهل الجنة لا يمر بهم يوم القيامة إلا قدر النهار من أوله إلى وقت القائلة حتى يسكنوا مساكنهم في الجنة . قال ابن مسعود : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقبل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، وقرأ ثم إن مقيلهم لا إلى الجحيم هكذا كان يقرأ . وقال ابن عباس في هذه الآية : الحساب ذلك اليوم في أوله ، وقال القوم حين قالوا في منازلهم في الجنة . قال الأزهري : القيلولة والمقيل : الاستراحة نصف النهار ، وإن لم يكن مع ذلك نوم ، لأن الله تعالى قال : { وأحسن مقيلاً } ، والجنة لا نوم فيها . ويروى أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

ثم بين - سبحانه - ما سيكون عليه أصحاب الجنة من نعيم مقيم يوم القيامة فقال : { أَصْحَابُ الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } .

والمستقر : المكان الذى يستقر فيه الإنسان فى أغلب وقته . والمقيل : المكان الذى يؤوى إليه فى وقت القيلولة للاستراحة من عناء الحر .

أى : " أصحاب الجنة يومئذ " أى : يوم القيامة " خير مستقرا " أى : خير مكانا ومنزلا فى الجنة ، مما كان عليه الكافرون فى الدنيا من متاع زائل ، ونعيم حائل " وأحسن مقيلا " أى : وأحسن راحة وهناء ومأوى ، مما فيه الكافرون من عذاب مقيم .

وقد استنبط بعض العلماء . من هذه الآية أن حساب أهل الجنة يسير ، وأنه ينتهى فى وقت قصير ، لا يتجاوز نصف النهار . قالوا : لأن قوله - تعالى - { وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } يدل على أنهم فى وقت القيلولة ، يكونون فى راحة ونعيم ، ويشير إلى ذلك قوله - تعالى - : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً } وأما أهل النار - والعياذ بالله - فهم ليسوا كذلك لأن حسابهم غير يسير .

وقد ساق ابن كثير فى هذا المعنى آثارا منها أن سعيد الصواف قال : بلغنى أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس وأنهم ليقيلون فى رياض الجنة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

21

وهنا يلتفت إلى الجانب الآخر فإذا المؤمنون أصحاب الجنة ليتم التقابل في المشهد :

( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ) . .

فهم مستقرون مستروحون ناعمون في الظلال . والاستقرار هنا يقابل خفة الهباء المنثور . والاطمئنان يقابل الفزع الذي يطلق الاستعاذة في ذهول .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

وقوله : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } أي : يوم القيامة { لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ } [ الحشر : 20 ] ؛ وذلك لأن{[21464]} أهل الجنة يصيرون إلى الدرجات العاليات ، والغرفات الآمنات ، فهم في مقام أمين ، حسن المنظر ، طيب المقام ، { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان : 76 ] ، وأهل النار يصيرون إلى الدركات السافلات ، والحسرات المتتابعات ، وأنواع العذاب والعقوبات ، { إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } [ الفرقان : 66 ] أي : بئس المنزل منظرا وبئس{[21465]} المقيل مقاما ؛ ولهذا قال : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } أي : بما عملوه من الأعمال المتقبلة ، نالوا ما نالوا ، وصاروا إلى ما صاروا إليه{[21466]} ، بخلاف أهل النار فإنه ليس لهم عمل واحد يقتضي لهم دخول الجنة والنجاة من النار ، فَنَبَّه - تعالى - بحال السعداء على حال الأشقياء ، وأنه لا خير عندهم بالكلية ، فقال : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } .

قال الضحاك : عن ابن عباس : إنما هي ضحوة ، فيقيل أولياء الله على الأسِرّة مع الحور العين ، ويَقيل أعداء الله مع الشياطين مقرّنين .

وقال سعيد بن جبير : يفرغ الله من الحساب نصف النهار ، فيقيل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، قال الله تعالى : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } .

وقال عكرمة : إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار : هي الساعة التي تكون في الدنيا عند ارتفاع الضحى الأكبر ، إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة ، فينصرف أهل النار إلى النار ، وأما أهل [ الجنة فيُنطلق بهم إلى ]{[21467]} الجنة ، فكانت قيلولتهم [ في الجنة ]{[21468]} وأطعموا كبد حوت ، فأشبعهم [ ذلك ]{[21469]} كلهم ، وذلك قوله : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } .

وقال سفيان ، عن مَيسَرة ، عن المِنْهَال ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه قال : لا ينتصف النهار حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ثم قرأ : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } وقرأ { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ } [ الصافات : 68 ] .

وقال العَوْفي ، عن ابن عباس في قوله : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } قال : قالوا في الغرف من الجنة ، وكان حسابهم أن{[21470]} عُرضوا على ربهم عرضة واحدة ، وذلك الحساب اليسير ، وهو مثل قوله تعالى : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا } [ الانشقاق : 7 - 9 ] .

وقال قتادة في قوله : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } أي : مأوى ومنزلا قال قتادة : وحَدّث صفوان بن مُحْرِز أنه قال : يجاء يوم القيامة برجلين ، أحدهما كان ملكا{[21471]} في الدنيا إلى الحمرة والبياض فيحاسب ، فإذا عبدٌ ، لم يعمل خيرا فيؤمر به إلى النار . والآخر كان صاحب كساء في الدنيا ، فيحاسب فيقول : يا رب ، ما أعطيتني من شيء فتحاسبني به . فيقول : صدق عبدي ، فأرسلوه . فيؤمر به إلى الجنة ، ثم يتركان ما شاء الله . ثم يدعى صاحب{[21472]} النار ، فإذا هو مثل الحُمَمة{[21473]} السوداء ، فيقال له : كيف وجدت ؟ فيقول : شر مَقيل . فيقال{[21474]} له : عد{[21475]} ثم يُدعَى بصاحب الجنة ، فإذا هو مثل القمر ليلة البدر ، فيقال له : كيف وجدت ؟ فيقول : رب ، خير مَقيل . فيقال له : عد . رواها ابن أبي حاتم كلها .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أنبأنا عمرو بن الحارث ، أن سعيدًا{[21476]} الصوَّاف حدثه ، أنه بلغه : أن يوم القيامة يقصر على المؤمن{[21477]} حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس ، وأنهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس ، وذلك{[21478]} قوله تعالى : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } {[21479]} .


[21464]:- في أ : "أن".
[21465]:- في ف : "أو".
[21466]:- في ف : "وصاروا إلى ما إليه صاروا".
[21467]:- زيادة من ف ، أ.
[21468]:- زيادة من ف ، أ.
[21469]:- زيادة من ف ، أ.
[21470]:- في أ : "إذ".
[21471]:- في أ : "ملك".
[21472]:- في أ : "بصاحب".
[21473]:- في ف ، أ : "الفحمة".
[21474]:- في أ : "فقال".
[21475]:- في ف ، أ : "عده".
[21476]:- في أ : "سعيد".
[21477]:- في أ : "المؤمنين".
[21478]:- في ف ، أ : "فذلك".
[21479]:- تفسير الطبري (19/5).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

ثم أخبر عز وجل بأن مستقر أهل الجنة { خير } من مستقر أهل النار ، وجاءت { خير } ، ها هنا للتفضيل بين شيئين لا شركة بينهما ، فذكر الزجاج وغيره في ذلك أنه لما اشتركا في أن هذا مستقر وهذا مستقر فضل الاستقرار الواحد .

قال القاضي أبو محمد : ويظهر لي أن هذه الألفاظ التي فيها عموم ما ، يتوجّه حكمها من جهات شتى ، نحو قولك : أحب وأحسن وخير وشر ، يسوغ أن يجاء بها بين شيئين لا شركة بينهما ، فتقول السعد في الدنيا أحب إليّ من الشقاء إذ قد يوجد بوجه ما من يستحب الشقاء كالمتعبد والمغتاظ وكذلك في غيرها ، فإذا كانت أفعل في معنى بين أن الواحد من الشيئين لا حظ له فيه بوجه فسد الإخبار بالتفضيل به ، كقولك الماء أبرد من النار ، ومن هذا إنك تقول في ياقوته ومدرة{[8813]} وتشير إلى المدرة هذه أحسن وخير وأحب وأفضل من هذه ، ولو قلت هذه ألمع وأشد شراقة من هذه لكان فاسداً ، وقوله { مقيلاً } ذهب ابن عباس والنخعي وابن جريج إلى أن حساب الخلق يكمل في وقت ارتفاع النهار ، ويقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار فالمقيل من القائلة .

قال الفقيه الإمام القاضي : ويحتمل أن اللفظة إنما تضمنت تفضيل الجنة جملة ، فالعرب تفضل البلاد بحسن المقيل لأن وقت القائلة يبدو فساد هواء البلاد ، فإذا كان بلد في وقت فساد الهواء حسناً جاز الفضل ، ومن ذلك قول الأسود بن يعفر الإيادي : [ الكامل ] .

أرض تخيرها لطيب مقيلها . . . كعب بن مامة وابن أم دؤاد{[8814]}


[8813]:المدرة: واحدة المدر، وهو قطع الطين اليابس، وقيل: الطين العلك الذي لا رمل فيه.
[8814]:الأسود بن يعفر شاعر جاهلي فصيح، كان ينادم النعمان، ولما أسن كف بصره، وبيته من المفضلية 44، وهي من مختار الشعر، وفيه يصف بلاد إياد بأنها طيبة المقيل، ولهذا اختارها كعب بن مامة، وابن أم دؤاد- وكعب مشهور بالجود عند العرب، فقد آثر بنصيبه من الماء رفيقه النمري فمات عطشا، وضرب به المثل في الجود، (راجع الشعر والشعراء)، وابن أم دؤاد هو أبو دؤاد الإيادي جارية بن الحجاج، وكان في عصر كعب بن مامة، ويقال إن كعب بن مامة أجار أبي دؤاد حين أخافه بعض الملوك بضرب المثل بجار أبي دؤاد، قال طرفة: إني كفاني من هم هممت به جار كجار الحذاقي الذي انتصفا والحذاقي هو أبو دؤاد، وحذاق قبيلة من إياد.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

استئناف ابتدائي جيء به لمقابلة حال المشركين في الآخرة بضدها من حال أصحاب الجنة وهم المؤمنون ، لأنه لما وصف حال المشركين في الآخرة عُلم أن لا حظ لهم في الجنّة فتعينت الجنة لغير المشركين يومئذ وهم المؤمنون ، إذ أهل مكة في وقت نزول هذه الآية فريقان : مشركون ومؤمنون . فمعنى الكلام : المؤمنون يومئذ هم أصحاب الجنة وهم { خير مستقراً وأحسن مقيلاً } .

والخير هنا : تفضيل ، وهو تهكم بالمشركين ، وكذلك { أحسن } .

والمستقر : مكان الاستقرار .

والمقيل : المكان الذي يؤوى إليه في القيلولة والاستراحة في ذلك الوقت من عادة المترفين .