ثم قال تعالى{[49759]} : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا }[ 24 ] ، و{[49760]} إنما أتى أفعل في هذا وقد علم أنه لا خير عند أصحاب النار ، على معنى أنكم لما كنتم تعملون عمل أصحاب النار صرتم كأنكم تقولون : إن في ذلك خيرا{[49761]} ، فخوطبوا على ظاهر أحوالهم ، وما يؤول إليه أمرهم .
وقيل : المعنى : خير مستقرا{[49762]} مما أنتم فيه ، وقال نفطويه{[49763]} في كتاب التوبة له : العرب تجعل هذا على وجهين أحدهما أن يكون{[49764]} في كلا{[49765]} الاسمين{[49766]} فضل والأول{[49767]} أفضل .
والوجه الثاني : أن يكون{[49768]} الكلام إثباتا للأول ونفيا للثاني{[49769]} .
كقوله تعالى{[49770]} : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا{[49771]} }[ 24 ] ، فهذا فيه نفي الخير عن النار وأصحابها ، هذا معنى كلامه .
ومذهب{[49772]} سيبويه : أنها لا تأتي{[49773]} إلا لتفضيل اثنين يكون أحدهما أزيد من الآخر ، إما في فضل ، وإما في شر لابد عنده أن يكون في الذي معه " من " أو الذي يضاف إليه " أفعل " بعض ما في الأول .
تقول : زيد أفضل من عمرو ، وعمرو أفضل القوم ، فالثاني فيه بعض{[49774]} ما في الأول{[49775]} .
وقيل : خير ليست من أفعل ، إنما هي خير التي في قولك : زيد فيه خير ، فيكون{[49776]} التقدير { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا{[49777]} }[ 24 ] ، أي : لهم خير ، فنصب{[49778]} " مستقر " على هذا ، على الظرف ، وعلى الأقوال الأول على البيان . والمقيل المقام في وقت القائلة وهو النوم نصف النهار ، والتقدير : وأحسن قرارا{[49779]} في أوقات القائلة في الدنيا ، وليس في الجنة قائلة ولكن خوطبوا على ما يعقلون{[49780]} . فالمستقر لهم : تحت ظل العرش والمقيل لهم : في الجنة ، ويراد{[49781]} بالمقيل{[49782]} المقام ، إذ لا في الجنة يوم للقائلة{[49783]} .
وقد روي{[49784]} : أن أهل الجنة لا يمر بهم في الآخرة إلا قدر ميقات النهار ، من أوله إلى وقت القائلة حتى يسكنوا في الجنة مساكنهم{[49785]} ، فذلك معنى قوله تعالى{[49786]} { وأحسن مقيلا }[ 24 ] ، قال{[49787]}ابن عباس{[49788]} : قالوا في الغرف في الجنة ، وكان حسابهم أن عرضوا على ربهم{[49789]} عرضة واحدة وذلك الحساب اليسير ، فهو{[49790]} قوله جل ذكره{[49791]} : { فسوف يحاسب حسابا يسيرا{[49792]} } .
وقال{[49793]} الأعمش : عن إبراهيم في الآية : كانوا يرون أنه{[49794]} يفرغ من حساب الناس يوم القيامة إلى نصف النهار ، فيقيل هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار .
وقال{[49795]} ابن جريج ، لم ينتصف النهار حتى قضي بينهم ، فقال أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار .
وروى ابن جبير عن ابن مسعود وابن عباس{[49796]} : أنه قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار{[49797]} ثم قرأ{[49798]} : { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا{[49799]} }[ 24 ] .
وفي بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن{[49800]} يوم القيامة يقصر على المؤمن يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس وإنهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ من{[49801]} الناس{[49802]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.