الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ يَوۡمَئِذٍ خَيۡرٞ مُّسۡتَقَرّٗا وَأَحۡسَنُ مَقِيلٗا} (24)

أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً } قال : أحسن منزلاً ، وخير مأوى .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { وأحسن مقيلاً } قال : مصيراً .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { خير مستقراً وأحسن مقيلاً } قال : في الغرف من الجنة . وكان حسابهم أن عرضوا على ربهم عرضة واحدة ، وذلك الحساب اليسير ، وذلك مثل قوله { فأمّا من أُوتي كتابَه بيمينه فسوف يُحاسَب حساباً يسيراً ويَنْقلبُ إلى أهلِه مسروراً } .

وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء . ثم قرأ { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً } وقرأ { ثم إن مقيلهم لإِلى الجحيم } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما هي ضحوة فيقيل أولياء الله على الأَسرّة مع الحور العين ، ويقيل أعداء الله مع الشياطين مقرّنين .

وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يرون أنه يفرغ من حساب الناس يوم القيامة نصف النهار ، فيقيل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، فذلك قوله { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً } .

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن الصوّاف قال : بلغني أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس ، وإنهم ليقيلون في رياض الجنة حين يفرغ الناس من الحساب . وذلك قوله { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً } .

وأخرج عبد بن حميد وابن حاتم عن قتادة في قوله { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً } أي مأوى ومنزلاً قال قتادة : حدث صفوان ابن محرز قال : إنه ليجاء يوم القيامة برجلين ؛ كان أحدهما ملكاً في الدنيا ، فيحاسب ، فإذا عبد لم يعمل خيراً فَيُؤْمَرُ به إلى النار . والآخر كان صاحب كساء في الدنيا ، فيحاسب ، فيقول : يا رب ما أعطيتني من شيء فتحاسبني به فيقول : صدق عبدي ، فأرسلوه ، فيؤمر به إلى الجنة ، ثم يتركان ما شاء الله ، ثم يدعى صاحب النار ، فإذا هو مثل الحممة السوداء فيقال له : كيف وجدت مقيلك ؟ فيقول : شر مقيل . فيقال له : عد . ثم يدعى صاحب الجنة ، فإذا هو مثل القمر ليلة البدر فيقال له : كيف وجدت مقيلك ؟ فيقول رب خير مقيل فيقال : عد .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار : الساعة التي يكون فيها ارتفاع الضحى الأكبر إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة . فينصرف أهل النار إلى النار ، وأما أهل الجنة ، فينطلق بهم إلى الجنة ، فكانت قيلولتهم في الجنة ، وأطعموا كبد الحوت فأشبعهم كلهم ، فذلك قوله { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً } .

وأخرج ابن عساكر عن عكرمة أنه سئل عن يوم القيامة أمن الدنيا هو أم من الآخرة ؟ فقال : صدر ذلك اليوم من الدنيا ، وآخره من الآخرة .