قوله تعالى : { يخافون ربهم من فوقهم } ، كقوله : { وهو القاهر فوق عباده } [ الأنعام – 18 ] { ويفعلون ما يؤمرون } .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا محمد بن سمعان ، حدثنا أبو بكر بن إبراهيم الشعرانبي ، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي ، حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، حدثنا إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن مورق ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ، والذي نفسي بيده ما فيها موضع ، أربع أصابع إلا وفيه ملك يمجد الله ، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً وما تلذذتم بالنساء على الفرشات ، ولصعدتم إلى الصعدات تجأرون ، قال أبو ذر : يا ليتني كنت شجرة تعضد " . رواه أبو عيسى عن أحمد بن منيع ، عن أبي أحمد الزبيري ، عن إسرائيل وقال : إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله .
ثم وصفهم - سبحانه - بالخشية منه ، وبالخوف من عقابه فقال : { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } .
أى : أن من صفات الملائكة ، أنهم يخافون ربهم الذى هو من فوقهم بجلاله وقهره وعلوه - بلا تشبيه ولا تمثيل - ، ويفعلون ما يؤمرون به من الطاعات ، ومن كل ما يكلفهم به - سبحانه - دون أن تصدر منهم مخالفة .
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد وصفت الله - تعالى - بما هو أهل له - سبحانه - من صفات القدرة والجلال والكبرياء ، حتى يفئ الضالون إلى رشدهم ، ويخلصوا العبادة لخالقهم - عز وجل - .
( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )
لا يستكبرون عن عبادة الله ولا يخالفون عن أمره . والمنكرون المستكبرون من بني الإنسان وحدهم شواذ في هذا المقام العجيب .
وبهذا المشهد يختم الدرس الذي بدأ بالإشارة إلى المنكرين المستكبرين ، ليفردهم في النهاية بالإنكار والاستكبار في مشهد الوجود . . .
القول في تأويل قوله تعالى { يَخَافُونَ رَبّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } .
يقول تعالى ذكره : يخاف هؤلاء الملائكة التي في السموات وما في الأرض من دابة ، ربّهم من فوقهم ، أن بعذّبهم إن عَصَوا أمره . ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ يقول : ويفعلون ما أمرهم الله به ، فيؤدّون حقوقه ويجتنبون سُخْطه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.