السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ۩} (50)

ثم علل تخصيصهم بقوله تعالى دلالة على أنهم كغيرهم في الوقوف بين الخوف والرجاء : { يخافون ربهم } أي : الموجد لهم المدبر لأمورهم المحسن إليهم خوفاً مبتدأ { من فوقهم } إشارة إلى علو الخوف عليهم وغلبته لهم ، أو أن يرسل عليهم عذاباً من فوقهم أو يخافونه وهو فوقهم بالقهر كقوله تعالى : { وهو القاهر فوق عباده } [ الأنعام ، 18 ] . وقوله تعالى : { وإنا فوقهم قاهرون } [ الأعراف ، 127 ] والجملة حال من الضمير في لا يستكبرون ، أو بيان له أو تقرير لأنّ من خاف الله لا يستكبر عن عبادته . { ويفعلون ما يؤمرون } أي : من الطاعة والتدبير وفي ذلك دليل على أنّ الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي والوعد والوعيد كسائر المكلفين وأنهم بين الخوف والرجاء ، كما مرّت الإشارة إليه وأنهم معصومون من الذنوب لأنّ قوله تعالى : { وهم لا يستكبرون } يدل على أنهم منقادون لخالقهم وأنهم ما خالفوا في أمر من الأمور كما قال تعالى : { لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون } [ الأنبياء ، 27 ] .