المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ} (7)

7- يخرج هذا الماء من بين الصلب وعظام الصدر من الرجل والمرأة{[230]} .


[230]:الصلب هو منطقة العمود الفقري ـ والترائب هي عظام الصدر. وقد بينت الدراسات الجنينية الحديثة أن نواة الجهاز التناسلي والجهاز البولي في الجنين تظهر بين الخلايا الغضروفية المكونة لعظام العمود الفقري وبين الخلايا المكونة لعظام الصدر وتبقى الكلي في مكانها وتنزل الخصية إلى مكانها الطبيعي في الصفن عند الولادة. وعلى الرغم من انحدار الخصية إلى أسفل، فإن الشريان الذي يغذيها بالدم طول حياتها يتفرع من الأورطة بحذاء الشريان الكلوي. كما أن العصب الذي ينقل الإحساس إليها ويساعدها على إنتاج الحيوانات المنوية وما يصاحب ذلك من سوائل متفرع من العصب الصدري العاشر الذي يغادر النخاع الشوكي بين الضلعين العاشر والحادي عشر. وواضح من ذلك أن الأعضاء التناسلية وما يغذيها من أعصاب وأوعية دموية تنشأ من موضع في الجسم بين الصلب والترائب "العمود الفقري والقفص الصدري".
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ} (7)

{ يخرج من بين الصلب والترائب } يعني صلب الرجل وترائب المرأة ، والترائب : جمع التربية ، وهي عظام الصدر والنحر . قال ابن عباس : هي موضع القلادة من الصدر . وروى الوالبي عنه : بين ثدي المرأة . وقال قتادة : النحر . وقال ابن زيد : الصدر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ} (7)

{ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب } أى : يخرج هذا الماء الدافق ، من بين صلب كل واحد منهما ، وترائب كل منهما . أى : أن أعضاء وقوى كل منهما ، تتعاون فى تكوين ما هو مبدأ لتوالد الإِنسان : ماء الرجل وهو المنى ، ومادة المرأة وهى البويضة المصحوبة بالسائل ، المنصبان بدفع وسيلان سريع إلى الرحم عند الاتصال الجنسى . ويسمى الفقهاء هذه المادة منيا وماء . .

وقال فضيلة الشيخ ابن عاشور : وأطنب - سبحانه - فى وصف هذا الماء الدافق ، لإِدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ، ليستيقظ الجاهل الكافر ، ويزداد المؤمن علما ويقينا .

ووصف بأنه { يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب } ، لأن الناس لا يتفطنون لذلك . . وهذا من الإِعجاز العلمى فى القرآن ، الذى لم يكن علم به للذين نزل بينهم ، وهو إشارة مجملة ، وقد بينها حديث مسلم عن أم سلمة وعائشة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احتلام المرأة فقال : " تغتسل إذا أبصرت الماء . فقيل له : أترى المرأة ذلك ؟ فقال : وهل يكون الشبه إلا من قِبَل ذلك ، إذا علا ماءُ المرأة ماءَ الرجل ، أشبه الولد أخواله ، وإذا علا ماءُ الرجل ماءها ، أشبه عمامه " " .

وقال صاحب الظلال : ولقد كان هذا سرا مكنونا فى علم الله لا يعلمه البشر ، حتى كان نصف القرن الأخير ، حيث اطعل العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته ، وعرف أنه فى عظام الظهر الفقارية ، يتكون ماء الرجل . وفى عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة ، حيث يلتقيان فى قرار مكين . فينشأ منهما الإِنسان . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ} (7)

وقوله : يَخْرُجُ مِنْ بَينِ الصّلْبِ والتّرَائِبِ يقول : يخرج من بين ذلك ، ومعنى الكلام منهما ، كما يقال : سيخرج من بين هذين الشيئين خير كثير ، بمعنى : يخرج منهما .

واختلف أهل التأويل في معنى الترائب وموضعها ، فقال بعضهم : الترائب : موضع القِلادة من صدر المرأة . ذكر من قال ذلك :

حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطّفاويّ ، قال : حدثنا محمد بن ربيعة ، عن سَلَمة بن سابور ، عن عطية العَوْفيّ ، عن ابن عباس الصّلْبِ والتّرَائِبِ قال : الترائب : موضع القِلادة .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : يَخْرُجُ مِنْ بَينِ الصّلْبِ والترائِبِ يقول : من بين ثدي المرأة .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سُئل عكرِمة عن الترائب ، فقال : هذه ، ووضع يده على صدره بين ثدييه .

حدثني ابن المثنى ، قال : ثني سلم بن قتيبة ، قال : ثني عبد الله بن النّعمان الحُدَانيّ أنه سمع عكرِمة يقول : يَخْرُجُ مِنْ بَين الصّلْبِ والتّرَائِبِ قال : صُلْب الرجل ، وترائب المرأة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن شريك ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبير ، قال : الترائب : الصدر .

قال : ثنا ابن يمان ، عن مِسْعر ، عن الحكم ، عن أبي عياض ، قال : التّرَائِبِ : الصدر .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يَخْرُجُ مِنْ بَينَ الصّلْبِ والتّرائِبِ قال : الترائب : الصدر ، وهذا الصلب ، وأشار إلى ظهره .

وقال آخرون : الترائب : ما بين المَنْكِبين والصدر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن إسرائيل ، عن ثَوَير ، عن مجاهد ، قوله : التّرَائِبِ ما بين المنكبين والصدر .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : التّرَائِبِ قال : أسفل من التراقي .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال : الصّلْب للرجل ، والترائب للمرأة ، والترائب فوق الثديين .

وقال آخرون : هو اليدان والرجلان والعينان . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يَخْرُجُ مِنْ بَينِ الصّلْبِ والتّرَائِبِ قال : فالترائب أطراف الرجل واليدان والرجلان والعينان ، فتلك الترائب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي رَوْق ، عن الضحاك يَخْرُجُ مِنْ بَينِ الصّلْبِ والتّرَائِبِ قال : الترائب : اليدان والرجلان .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال غيره : الترائب : ماء المرأة وصلب الرجل .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : يَخْرُجُ مِنْ بَين الصّلْبِ والتّرَائِبِ : عيناه ويداه ورجلاه .

وقال آخرون : معنى ذلك ، أنه يخرج من بين صلب الرجل ونحره . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يَخْرُجُ مِنْ بَين الصّلْبِ وَالتّرَائِبِ يقول : يخرج من بين صُلْب الرجل ونحره .

وقال آخرون : هي الأضلاع التي أسفل الصلب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : يَخْرُجُ مِنْ بَين الصّلْب والتّرَائِبِ قال : الترائب : الأضلاع التي أسفل الصلب .

وقال آخرون : هي عصارة القلب . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني الليث أن معمر بن أبي حَبِيبة المَدِيني حدّثه ، أنه بلغه في قول الله : يَخْرُجُ مِنْ بَين الصّلْب والتّرَائِبِ قال : هو عُصارة القلب ، ومنه يكون الولد .

والصواب من القول في ذلك عندنا : قول من قال : هو موضع القِلادة من المرأة ، حيث تقع عليه من صدرها ، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب ، وبه جاءت أشعارهم ، قال المثقّب العبدي :

ومِنْ ذَهَبٍ يُسَنّ على تَرِيب *** كَلَوْنِ العاج ليسَ بذي غُضُونِ

وقال آخر :

والزّعْفَرَانُ عَلى تَرَائِبِهَا *** شَرِقا بِهِ اللّبّاتُ والنّحْرُ

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ} (7)

وأُطنب في وصف هذا الماء الدافق لإِدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ليستيقظ الجاهل الكافر ويزداد المؤمن علماً ويقيناً .

ووُصف أنه يخرج من { بين الصلب والترائب } لأن الناس لا يتفطنون لذلك .

والخروج مستعمل في ابتداء التنقل من مكان إلى مكان ولو بدون بروز فإن بروز هذا الماء لا يكون من بين الصلب والترائب .

و { الصلب } : العمود العظمي الكائن في وسط الظهر ، وهو ذو الفقرات .

و { الترائب } : جمع تريبة ، ويقال : تَريب . ومحرّر أقوال اللغويين فيها أنها عظام الصدر التي بين الترقُوَتَيْن والثَّديين ووسموه بأنه موضع القلادة من المرأة .

والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة ، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال .

وقوله : { يخرج من بين الصلب والترائب } الضمير عائد إلى { ماء دافق } وهو المتبادر فتكون جملة { يخرج } حالاً من { ماء دافق } أي يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه .

وبهذا قال سفيان والحسن ، أي أن أصل تكَوُّن ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب ، وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب إذ لا يتصور ممر بين الصلب والترائب لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورِئَتَيْن .

فجعل الإِنسان مخلوقاً من ماء الرجل لأنه لا يتكوّن جسم الإنسان في رحم المرأة إلا بعد أن يخالطها ماء الرجل فإذا اختلط ماء الرجل بما يُسمى ماء المرأة وهو شيء رطب كالماء يحتوي على بُوَيضات دقيقة يثبت منها ما يتكوّن منه الجنين ويُطرح ما عداه .

وهذا مخاطبة للناس بما يعرفون يومئذ بكلام مجمل مع التنبيه على أن خلق الإِنسان من ماء الرجل وماءِ المرأة بذكر الترائب لأن الأشهر أنها لا تطلق إلا على ما بين ثديي المرأة .

ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه أجسام صغيرة تسمى في الطب الحيوانات المنوية ، وهي خيوط مستطيلة مؤلفة من طرف مسطح بيضوي الشكل وذَنب دقيق كخيط ، وهذه الخيوط يكون منها تلقيح النسل في رحم المرأة ، ومقرها الأنثيان وهما الخصيتان فيندفع إلى رحم المرأة .

ومن ماء هو للمرأة كالمني للرجل ويسمى ماء المرأة ، وهو بويضات دقيقة كروية الشكل تكون في سائل مقره حُويصلة من حويصلات يشتمل عليها مَبيضان للمرأة وهما بمنزلة الأنثيين للرجل فهما غدتان تكونان في جانبي رحم المرأة ، وكل مَبيض يشتمل على عدد من الحُويصلات يتراوح من عشر إلى عشرين . وخروج البيضة من الحُويصلة يكون عند انتهاء نمو الحويصلة فإذا انتهى نموها انفجرتْ فخرجت البَيضة في قناة تبلغ بها إلى تجويف الرحم ، وإنما يتم بلوغ البيضة النموَّ وخروجُها من الحويصلة في وقت حيض المرأة فلذلك يكثر العلوق إذا باشر الرجل المرأة بقرب انتهاء حيضها .

وأصل مادة كِلا الماءين مادة دموية تنفصل عن الدماغ وتنزل في عرقين خلف الأذنين ، فأما في الرجل فيتصل العرقان بالنخاع ، وهو الصلب ثم ينتهي إلى عرق يسمى الحَبْل المَنَوي مؤلف من شرايين وأوْرِدَةٍ وأعصابٍ وينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللتان تُفرزانِ المني فيتكون هنالك بكيفية دُهنية وتبقى منتشرة في الأنثيين إلى أن تفرزها الأنْثيان مادةً دهنية شحمية وذلك عند دغدغة ولَذع القضيب المتصل بالأنثيين فيندفق في رحم المرأة .

وأما بالنسبة إلى المرأة فالعرقان اللذان خلف الأذنين يمران بأعلى صدر المرأة وهو الترائب لأن فيه موضع الثديين وهما من الأعضاء المتصلة بالعروق التي يسير فيها دم الحيض الحاملُ للبويضات التي منها النسل ، والحيض يسيل من فَوهات عروق في الرحم ، وهي عروق تنفتح عند حلول إبان المحيض وتنقبض عقب الطُّهر . والرحم يأتيها عصب من الدماغ .

وهذا من الإِعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علمٌ به للذين نزل بينهم ، وهو إشارة مجملة وقد بينها حديث مسلم عن أم سلمة وعائشة : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احتلام المرأة ، فقال : تغتسل إذا أبصرت الماء فقيل له : أترى المرأة ذلك فقال : وهل يكون الشبه إلا من قِبَل ذلك إذا علا ماءُ المرأة ماءَ الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءَها أشبه أعمامه » .