المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

20- ومن الدلائل على كمال قدرته أن خلق أصلكم من تراب لا حياة فيه ، ثم أنتم بشر تتفرقون في الأرض للسعي في تحصيل ما به بقاؤكم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

قوله تعالى : { ومن آياته أن خلقكم من تراب } أي : خلق أصلكم يعني آدم من تراب ، { ثم إذا أنتم بشر تنتشرون } تنبسطون في الأرض .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

ثم أورد - سبحانه - بعد ذلك أنواعا من الأدلة على قدرته التى لا يعجزها شئ ، فقال - تعالى - { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } .

والآيات : جمع آية ، وتطلق على الآية القرآنية ، وعلى الشئ العجيب ، كما فى قوله - تعالى - : { وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } والمراد بها هنا : الأدلة الواضحة ، والبراهين الساطعة ، الدالة على وحدانية الله - تعالى - وقدرته .

والمعنى : ومن آياته - سبحانه - الدالة على عظمته ، وعلى كمال قدرته ، أنه خلقكم من تراب ، أى : خلق أباكم آدم من تراب ، وأنتم فروع عنه .

و " إذ " فى قوله : { ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } هى الفجائية .

أى : خلقكم بتلك الصورة البديعة من مادة التراب التى لا يرى فيها رائحة للحياة ، ثم صرتم بعد خَلْقِنا إياكم فى أطوار متعددة ، بشرا تنتشرون فى الأرض ، وتمشون فى مناكبها ، وتتقلبون فيها تارة عن طريق الزراعة ، وتارة عن طريق التجارة ، وتارة عن طريق الأسفار . . كل ذلك طلبا للرزق ، ولجمع الأموال .

وعبر - سبحانه - بثم المفيدة للتراخى ، لأن انتشارهم فى الأرض لا يتأتى إلا بعد مرورهم بأطوار متعددة ، منها أطوار خلقهم فى بطون أمهاتهم ، وأطوار طفولتهم وصباهم ، إلى أن يبلغوا سن الرشد .

قال الشوكانى : وإذا الفجائية وإن كانت أكثر ما تقع بعد الفاء لكنها وقعت هنا بعد ثم ، بالنسبة إلى ما يليق بهذه الحالة الخاصة ، وهى أطوار الإِنسان ، كما حكاها الله - تعالى - فى مواضع ، من كونه نطفة ، ثم مضغة ، ثم عظمها مكسوها لحما .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ومن حُججه على أنه القادر على ما يشاء أيها الناس من إنشاء وإفناء ، وإيجاد وإعدم ، وأن كل موجود فخلقه خلقة أبيكم من تراب ، يعني بذلك خلق آدم من تراب ، فوصفهم بأنه خلقهم من تراب ، إذ كان ذلك فعله بأبيهم آدم كنحو الذي قد بيّنا فيما مضى من خطاب العرب من خاطبت بما فعلت بسلفه من قولهم : فعلنا بكم وفعلنا .

وقوله : ثُمّ إذَا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ يقول : ثم إذا أنتم معشر ذرّية من خلقناه من تراب بشر تنتشرون ، يقول : تتصرّفون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة وَمِنْ آياتِهِ أنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ خلق آدم عليه السلام من تراب ثُمّ إذا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ يعني ذرّيته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

{ ومن آياته أن خلقكم من تراب } أي في أصل الإنشاء لأنه خلق أصلهم منه . { ثم إذا أنتم بشر تنتشرون } ثم فاجأتم وقت كونكم بشرا منتشرين في الأرض .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

و { من } في قوله { ومن آياته أن خلقكم } للتبعيض ، وقال { خلقكم } من حيث خلق أباهم آدم قاله قتادة ، و { تنتشرون } معناه تتصرفون وتتفرقون في الأغراض والأسفار ونحوها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

لما كان الاستدلال على البعث متضمناً آيات على تفرده تعالى بالتصرف ودلالته على الوحدانية انتقل من ذلك الاستدلال إلى آيات على ذلك التصرف العظيم غير ما فيه إثبات البعث تثبيتاً للمؤمنين وإعذاراً لمن أشركوا في الإلهية . وقد سبقت ست آيات على الوحدانية ، وابتدئت بكلمة { ومن آياته } تنبيهاً على اتحاد غرضها ، فهذه هي الآية الأولى ولها شبه بالاستدلال على البعث لأن خلق الناس من تراب وبث الحياة والانتشار فيهم هو ضرب من ضروب إخراج الحي من الميت ، فلذلك كانت هي الأولى في الذكر لمناسبتها لما قبلها فجعلت تخلصاً من دلائل البعث إلى دلائل عظيم القدرة . وهذه الآية كائنة في خلق جوهر الإنسان وتقويم بشريته .

وتقدم كيف كان الخلق من تراب عند قوله تعالى { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين } في سورة المؤمنين ( 12 ، 13 ) .

فضمير النصب في خَلَقَكم } عائد إلى جميع الناس وهذا في معنى قوله تعالى في سورة الحج ( 5 ) { فإنّا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة } الآية .

وهذا استدلال للناس بأنفسهم لأنهم أشعرُ بها مما سواها ، والناس يعلمون أن النطف أصل الخلقة ، وهم إذا تأملوا علموا أن النطفة تتكون من الغذاء ، وأن الغذاء يتكون من نبات الأرض ، وأن نبات الأرض مشتمل على الأجزاء الترابية التي أنبتته فعلموا أنهم مخلوقون من تراب ، فبذلك استقام جعل التكوين من التراب آية للناس أي علامة على عظيم القدرة مع كونه أمراً خفياً . على أنه يمكن أن يكون الاستدلال مبنياً على ما هو شائع بين البشر أن أصل الإنسان تراب حسبما أنبأت به الأديان كلها . وبهذا التأويل يصح أيضاً أن يكون معنى { خلقكم من تراب } خلق أصلكم وهو آدم ، وأول الوجوه أظهرها . فالتراب موات لا حياة فيه وطبعه مناففٍ لطبع الحياة لأن التراب بارد يابس وذلك طبع الموت ، والحياةُ تقتضي حرارة ورطوبة فمن ذلك البارد اليابس ينشأ المخلوق الحي المدرك . وقد أشير إلى الحياة والإدراك بقوله { إذا أنتم بشر } ، وإلى التصرف والحركة بقوله { تنتشرون } ، ولما كان تمام البشرية ينشأ عن تطور التراب إلى نبات ثم إلى نطفة ثم إلى أطوار التخلق في أزمنة متتالية عطفت الجملة بحرف المهلة الدال على تراخي الزمن مع تراخي الرتبة الذي هو الأصل في عطف الجمل بحرف { ثم } .

وصدرت الجملة بحرف المفاجأة لأن الكون بشراً يظهر للناس فجأة بوضع الأجنة أو خروج الفراخ من البيض ، وما بين ذلك من الأطوار التي اقتضاها حرف المهلة هي أطوار خفية غير مشاهدة ؛ فكان الجمع بين حرف المهلة وحرف المفاجأة تنبيهاً على ذلك التطور العجيب . وحصل من المقارنة بين حرف المهلة وحرف المفاجأة شبه الطباق وإن كان مرجع كل من الحرفين غير مرجع الآخر .

والانتشار : الظهور على الأرض والتباعد بين الناس في الأعمال قال تعالى { فانتشروا في الأرض } [ الجمعة : 10 ] .