فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

{ وَمِنْ ءاياته أَنْ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ } أي من آياته الباهرة الدالة على البعث أن خلقكم ، أي خلق أباكم آدم من تراب ، وخلقكم في ضمن خلقه ؛ لأن الفرع مستمد من الأصل ومأخوذ منه ، وقد مضى تفسير هذا في الأنعام ، و { أن } في موضع رفع بالابتداء . و { من آياته } خبره { ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } { إذا } هي الفجائية ، أي ثم فاجأتم بعد ذلك وقت كونكم بشراً تنتشرون في الأرض .

و{ إذا } الفجائية ، وإن كانت أكثر ما تقع بعد الفاء ، لكنها وقعت هنا بعد ثم بالنسبة إلى ما يليق بهذه الحالة الخاصة ، وهي أطوار الإنسان كما حكاه الله في مواضع : من كونه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً مكسوّاً لحماً فاجأ البشرية والانتشار ، ومعنى { تنتشرون } : تنصرفون فيما هو قوام معايشكم .

/خ27