ثم أراد أن يذكر الحجج الباهرة على استحقاق التسبيح والتحميد له فقال { ومن آياته أن خلقكم } أي أصلكم أو كلاً منكم كما مر في أول الحج { من تراب } وذلك أن التراب أبعد الأشياء عن درجة الإحياء لكثافته ولبرودته ويبسه والحياة بالحرارة والرطوبة ، ولكدورته والروح نير ولثقله وخفة الرواح ولسكونه والحي متحرك حساس ، ولا تتنافي بين هذا وبين قوله { خلق من الماء بشراً } [ الفرقان : 54 ] لأنه أراد الأصل الثاني الذي هو النطفة ، أو أراد أن أصل البشر في الظاهر هو التراب والماء وأما النار فللإنضاج ، والهواء فللاستبقاء كالزق المنفوخ يقوم بالهواء ، و{ ثم } لتبعيد الرتبة و{ إذا } للمفاجأة أي ثم فاجأتم وقت كونكم بشراً . قالوا : فيه إشارة إلى مسألة حكمية وهي أن الله تعالى يخلق أولاً إنساناً فيتبعه أنه حيوان تام لا أنه يخلق أولاً حيواناً ثم يجعله إنساناً ، فخلق الأنواع هو المراد الأول ثم تكون الأنواع فيها الأجناس بتلك الإرادة الأولى . وقوله { بشراً } إشارة إلى القوة المدركة التي البشر بها بشروا بها يمتاز عن غيره من الحيوانات . وقوله { تنتشرون } إشارة إلى القوة المتحركة التي بها الحيوان حيوان فكأنه أشار إلى فضله وجنسه ، وكان الأولى تقديم الجنس على الفصل ، إلا أنه عكس الترتيب لأنه كأنه قال : العجب غير مختص بالإنسان بل الحيوان المنتشر من التراب الساكن عجيب أيضاً . والانتشار إما بمعنى التردد في الحوائج كقوله { فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } [ الجمعة : 10 ] وإما بمعنى البث والتفريق كقوله { وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء } [ النساء : 1 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.