إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

{ وَمِنْ آياته } الباهرةِ الدَّالَّةِ على أنَّكم تُبعثون دلالةً أوضحَ ممَّا سبق فإنَّ دلالةَ بدءِ خلقِهم على إعادتِهم أظهرُ من دلالةِ إخراجِ الحيِّ من الميتِ وإخراجِ الميتِ من الحيِّ ومن دلالة إحياءِ الأرضِ بعد موتِها عليها { أَنْ خَلَقَكُمْ } أي في ضمن خلقِ آدمَ عليه السَّلامُ لما مرَّ مراراً من أنَّ خلقَه عليه الصَّلاة والسَّلام منطوٍ على خلق ذرياتِه انطواءً إجمالياً { مّن تُرَابٍ } لم يشَمَّ رائحةَ الحياة قطّ ولا مناسبة بينه وبين ما أنتُم عليه في ذاتِكم وصفاتِكم { ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } أي فاجأتُم بعد ذلك وقت كونِكم بشراً تنتشرون في الأرضِ ، وهذا مجمل ما فُصِّل في قوله تعالى : { يا أيها الناس إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مّنَ البعث فَإِنَّا خلقناكم مّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } [ سورة الحج ، الآية5 ] الآية