السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ إِذَآ أَنتُم بَشَرٞ تَنتَشِرُونَ} (20)

{ ومن آياته } أي : ومن جملة علامات توحيده وكمال قدرته { أن خلقكم } أي : أصلكم وهو آدم عليه السلام { من تراب } لم يكن له أصلاً اتصاف ما بحياة ، أو أنه خلقكم من نطفة ، والنطفة من الغذاء ، والغداء إنما يتولد من الماء والتراب { ثم } أي : بعد إخراجكم منه { إذا أنتم بشر تنتشرون } في الأرض كقوله تعالى { وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء } ( النساء : 1 ) .

تنبيه : الترتيب والمهلة ههنا ظاهران ، فإنهم يصيرون بشراً بعد أطوار كثيرة ، وتنتشرون حال . وإذا هي الفجائية إلا أنّ الفجائية أكثر ما تقع بعد الفاء ؛ لأنها تقتضي التعقيب . ووجه وقوعها مع ثم بالنسبة إلى ما يليق بالحالة الخاصة أي : بعد تلك الأطوار التي قصها علينا في موضع آخر من كونها نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً مجرداً ثم عظماً مكسواً لحماً فاجأ البشرية والانتشار .