المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ} (24)

24- وجعلنا من بني إسرائيل أئمة في الدين يقومون بهداية الناس ، استجابة لأمرنا حين صبروا على العمل بما في التوراة ، وكانوا بآياتنا يصدقون أقوى التصديق .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ} (24)

قوله تعالى : { وجعلناه } يعني : الكتاب وهو التوراة ، وقال قتادة : موسى ، { هدى لبني إسرائيل*وجعلنا منهم } يعني : من بني إسرائيل ، { أئمةً } قادة في الخير يقتدى بهم ، يعني : الأنبياء الذين كانوا فيهم . وقال قتادة : أتباع الأنبياء ، { يهدون } يدعون ، { بأمرنا لما صبروا } قرأ حمزة ، والكسائي ، بكسر اللام وتخفيف الميم ، أي : لصبرهم ، وقرأ الباقون بفتح اللام وتشديد الميم ، أي : حين صبروا على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر . { وكانوا بآياتنا يوقنون* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ} (24)

{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ } والأئمة : جمع إمام ، وهو من يقتدى به فى الأمور المختلفة . والمراد بهم هنا : من يقتدى بهم فى وجوه الخير والبر .

أى : وجعلنا من بنى إسرائيل أئمة فى الخير والصلاح ، يهدون غيرهم إلى الطريق الحق ، بأمرنا وإرادتنا وفضلنا ، وقد وفقناهم لذلك حين صبروا على أداء ما كل فناهم به من عبادات ، وعلى مشاق الدعوة إلى الحق ، وعلى كل أم يستلزم الصبر وحبس النفس .

وفى ذلك إرشاد وتعليم للمسلمين ، بأن يسلكوا طريق الأئمة الصالحين ، ممن كانوا قبلهم ، وأن يبلغوا دعوة الله إلى غيرهم بصبر ويقين .

وقوله - سبحانه - { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } زيادة فى مدحهم ، وفى تقرير أنهم أهل للإِمامة فى الخير . أى : وكانوا بسبب إداركهم السليم لمعانى آياتنا : يوقنون إيقاناً جازماً بأنهم على الحق الذى لا يحوم حلوه باطل وبأنهم متبعون لشريعة الله - تعالى - التى لا يضل من اتبعها وسار على نهجها .

ثم أشار - سبحانه - إلى أن بنى إسرائيل جميعاً لم يكونوا كذلك ، وإنما كان منهم الأخيار والأشرار ، وأنه - تعالى - سيحكم بين الجميع يوم القيامة بحكمه العادل ، فقال : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ} (24)

وقوله : وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمّةً يقول تعالى ذكره : وجعلنا من بني إسرائيل أئمة ، وهي جمع إمام ، والإمام الذي يؤتمّ به في خير أو شرّ ، وأريد بذلك في هذا الموضع أنه جعل منهم قادة في الخير ، يؤتم بهم ، ويُهْتَدى بهديهم . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمّةً يَهْدُونَ بأمْرِنا قال : رؤساء في الخير . وقوله يَهْدُونَ بأمْرِنا يقول تعالى ذكره : يهدون أتباعهم وأهل القبول منهم بإذننا لهم بذلك ، وتقويتنا إياهم عليه .

وقوله : لَمّا صَبرُوا اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ، وبعض أهل الكوفة : لَمّا صَبرُوا بفتح اللام وتشديد الميم ، بمعنى : إذ صبروا ، وحين صبروا . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «لِمَا » بكسر اللام وتخفيف الميم ، بمعنى : لصبرهم عن الدنيا وشهواتها ، واجتهادهم في طاعتنا ، والعمل بأمرنا . وذُكر أن ذلك في قراءة ابن مسعودِ : «بمَا صَبَرُوا » . وما إذا كسرت اللام من «لِمَا » في موضع خفض ، وإذا فتحت اللام وشدّدت الميم ، فلا موضع لها ، لأنها حينئذٍ أداة .

والقول عندي في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى ، قد قرأ بكل واحدة منهما عامة من القرّاء فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وتأويل الكلام إذا قُرىء ذلك بفتح اللام وتشديد الميم : وجعلنا منهم أئمة يهدون أتباعهم بإذننا إياهم ، وتقويتنا إياهم على الهداية ، إذ صبروا على طاعتنا ، وعزفوا أنفسهم عن لذّات الدنيا وشهواتها . وإذا قرىء بكسر اللام على ما قد وصفنا . وقد :

حدثنا ابن وكيع ، قال : قال أبي ، سمعنا في وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمّةً يَهْدُونَ بأمْرِنا لَمّا صبَرُوا قال : عن الدنيا .

وقوله : وكانُوا بآياتِنا يُوقِنُونَ يقول : وكانوا أهل يقين بما دلهم عليه حججنا ، وأهل تصديق بما تبين لهم من الحقّ وإيمان برسلنا ، وآيات كتابنا وتنزيلنا .