إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَجَعَلۡنَا مِنۡهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا لَمَّا صَبَرُواْۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ} (24)

{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ } بقيتهم بما في تضاعيفِ الكتابِ من الحُكم والأحكامِ إلى طريقِ الحقِّ أو يهدونَهم إلى ما فيهِ من دينِ الله وشرائعِه { بِأَمْرِنَا } إيَّاهم بذلك أو بتوفيقِنا له { لَمَّا صَبَرُواْ } هي لما التي فيها مَعنى الجزاءِ نحو أحسنتُ إليك لمَّا جئتنِي . والضَّميرُ للأئمةِ تقديرُه لمَّا صبرُوا جعلناهُم أئمةً أو هي ظرفٌ بمعنى الحينِ أي جعلناهُم أئمةً حين صبرُوا والمرادُ صبرُهم على مشاقِّ الطَّاعاتِ ومقاساة الشَّدائدِ في نُصرةِ الدِّينِ أو صبرُهم عن الدُّنيا . وقرئ لِمَا صبرُوا أي لصبرِهم { وَكَانُواْ بآياتنا } التي في تضاعيفِ الكتابِ { يُوقِنُونَ } لإمعانِهم فيها النَّظرَ والمعنى كذلك لنجعلنَّ الكتابَ الذي آتيناكَه هُدى لأمَّتِك ولنجعلنَّ منهم أئمَّةً يهدون مثلَ تلك الهدايةِ