190- إن في خلق الله للسماوات والأرض مع ما فيهما من إبداع وإحكام ، واختلاف الليل والنهار نوراً وظلمة وطولاً وقصراً لدلائل بينات لأصحاب العقول المدركة على وحدانية الله وقدرته{[37]} .
{ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } لدلائل واضحة على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته لذوي العقول المجلوة الخالصة عن شوائب الحس والوهم كما سبق في سورة البقرة ، ولعل الاقتصار على هذه الثلاثة في هذه الآية لأن مناط الاستدلال هو التغير ، وهذه متعرضة لجملة أنواعه فإنه إما أن يكون في ذات الشيء كتغير الليل والنهار ، أو جزئه كتغير العناصر بتبدل صورها أو الخارج عنه كتغير الأفلاك بتبدل أوضاعها . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها " .
ثم دل على مواضع النظر والعبرة ، حيث يقع الاستدلال على الصانع بوجود السماوات والأرضين والمخلوقات دال على العلم ، ومحال أن يكون موجود عالم مريد غير حي ، فثبت بالنظر في هذه الآية عظم الصفات{[3782]} .
{ واختلاف الليل والنهار } هو تعاقبهما ، إذ جعلهما الله خلفة ، ويدخل تحت لفظة الاختلاف كونهما يقصر هذا ويطول الآخر وبالعكس ، ويدخل في ذلك اختلافهما بالنور والظلام ، و «الآيات » : العلامات و { الألباب } في هذه الآية : هي ألباب التكليف لا ألباب التجربة ، لأن كل من له علوم ضرورية يدركها فإنه يعلم ضرورة ما قلناه من صفات الله تعالى .
هذا غرض أُنف بالنسبة لما تتابع من أغراض السورة ، انتُقل به من المقدّمات والمقصد والمتخلِّلات بالمناسبات ، إلى غرض جديد هو الاعتبار بخلق العوالم وأعراضها والتنويه بالذين يعتبرون بما فيها من آيات .
ومِثْل هذا الانتقال يكون إيذاناً بانتهاء الكلام على أغراض السورة ، على تفنّنها ، فقد كان التنقّل فيها من الغرض إلى مشاكله وقد وقع الانتقال الآن إلى غرض عامّ : وهو الاعتبار بخلق السماوات والأرض وحال المؤمنين في الاتّعاظ بذلك ، وهذا النحو في الانتقال يعرض للخطيب ونحوه من أغراضه عقب إيفائها حقّها إلى غرض آخر إيذاناً بأنّه أشرف على الانتهاء ، وشأن القرآن أن يختم بالموعظة لأنّها أهمّ أغراض الرسالة ، كما وقع في ختام سورة البقرة .
وحرف ( إنّ ) للاهتمام بالخبر .
والمراد ب { خلْق السماوات والأرض } هنا : إمّا آثار خَلْقِها ، وهو النظام الذي جعل فيها ، وإمّا أن يراد بالخلق المخلوقات كقوله تعالى : { هذا خلق اللَّه } [ لقمان : 11 ] . و { أولو الألباب } أهل العقول الكاملة لأنّ لبّ الشيء هو خلاصته . وقد قدّمنا في سورة البقرة بيان ما في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار من الآيات عند قوله تعالى : { إن في خلق السموات والأرض واختلاف اللَّيل والنهار والفلك } [ البقرة : 164 ] إلخ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.