التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (190)

قوله تعالى{ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب . الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار }

قال ابن حبان : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا يحيى بن زكريا ، عن إبراهيم بن سويد النخعي ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال : دخلت انا وعبيد بن عمير على عائشة ، فقالت لعبيد بن عمير : قد آن لك ان تزورنا ، فقال : أقول يا أمه كما قال الأول : زر غبا تزدد حبا . قال : فقالت : دعونا من رطانتكم هذه . قال ابن عمير : أخبرينا بأعجب شئ رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فسكتت ثم قالت : لما كان ليلة من الليالي قال : " يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي " . قالت : والله إني لأحب قربك ، وأحب ما سرك . قالت : فقام فتطهر ، ثم قام يصلي . قالت : فلم يزل يبكي حتى بل حجره ، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته ، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي ، قال : " يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبدا شكورا ؛ لقد نزلت علي الليلة آية ، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها{ إن في خلق السموات والأرض }الآية كلها .

( الإحسان2/329 ح620_طبعة الأرناءوط ) ، وأخرجه ابو الشيخ في كتاب( أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص 160 )من طريق عثمان بن أبي شيبة به . وهذا الإسناد رجاله ثقات أئمة ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وإن تكلم فيه البعض ، فإن ثناء الأئمة عليه ووصفه بالحفظ والإتقان مستفيض مشهور( النظر : تهذيب الكمال18/322-328 ) . فيكون الحديث من هذا الطريق حسنا عن شاء الله . ومع ذلك فللحديث طريق آخر : اخرجه ابن مردويه ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا-كما في تفسير ابن كثير( 1/440 )-من طرق ، عن ابي جناب الكلبي ، عن عطاء به نحوه . -وأخرجه الأصفهاني في ( الترغيب والترهيب1/286 ح639 )من طريق ابن مردويه-وأبو جناب وإن كان مدلسا ، إلا ان أبا الشيخ اخرجه من طريقه مصرحا فيه بالسماع( أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص 160 )فتزول الخشية من تدليسه ، وبذلك يكون هذا الطريق متابعة قوية لطريق ابن حبان المتقدم ، ويتأكد بذلك حسن الحديث كما قدمنا . وقد قوى إسناده الأرناءوط في حاشية( الإحسان ) ، وحكم بحسنه الشيخ محمد رزق في( موسوعة فضائل القرآن 1/219 ح90 ) .

قال مسلم : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا ابو نعيم ، حدثنا إسماعيل بن مسلم ، حدثنا أبو المتوكل ؛ أن ابن عباس حدثه ، انه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة . فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل . فخرج فنظر في السماء . ثم تلا هذه الآية في آل عمران{ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار }حتى بلغ{ فقنا عذاب النار }ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ . ثم قام فصلى . ثم اضطجع . ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية . ثم رجع فتسوك فتوضأ . ثم قام فصلى .

( الصحيح1/221 ح256-ك الطهارة ، ب السواك ) .

قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا معن بن عيسى عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى عبد الله بن عباس ان عبد الله ابن عباس اخبره انه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم-وهي خالته-قال : فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل او قبله بقليل او بعده بقليل ، ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم من وجهه بيديه ، ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي . فصنعت مثل ما صنع ، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه ، فوضع رسول الله يده اليمنى على رأسي ، واخذ بأذني اليمنى يفتلها ، فصلى ركعتين ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم اوتر ، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن ، فقام فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم خرج فصلى الصبح .

( الصحيح8/84-85 ح4571-ك التفسير- سورة آل عمران ، ب { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } ) .

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة قوله : { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم }وهذه حالات كلها يا ابن آدم ، اذكر الله وأنت قائم فإن لم تستطع فاذكره وأنت قاعد ، فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جانبك يسر من الله وتخفيف .