الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (190)

دلَّ سبحانه على مواضِع النظرِ والعبرةِ ، فقالَ : { إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض واختلاف الليل والنهار }[ آل عمران :190 ] أي : تَعَاقُب الليل والنَّهار ، إذ جعلهما سبحانه خِلْفِةً ، ويدخل تحت اختلافهما قِصَرُ أحدِهِمَا ، وطولُ الآخَرِ ، وبالعكْسِ ، واختلافُهُما بالنُّور والظَّلام ، والآياتُ : العلاماتُ الدالَّة على وحدانيَّتِهِ ، وعظيمِ قُدْرته سُبْحانه .

قال الفَخْر : واعلم أنَّ المقصود من هذا الكتَابِ الكريمِ جَذْبُ القلوبِ والأرْوَاحِ عن الاشتغالِ بالخَلْقِ والاستغراقِ في معرفة الحقِّ ، فلمَّا طال الكلامُ في تَقْرير الأحكامِ والجوابِ عن شُبُهَاتِ المُبْطِلِين ، عاد إلى إثارة القُلُوب بِذِكْرِ ما يدلُّ على التوحيدِ والكِبْرِيَاءِ والجَلاَل ، وذِكْرِ الأدعية ، فختم بهذه الآياتِ بنَحْو ما في «سورة البقرة » ، انتهى .