المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡۚ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (147)

147- والذين كذبوا بآياتنا المنزلة على رسلنا للهداية ، وكذبوا بلقائنا يوم القيامة ، فأنكروا البعث والجزاء ، بطلت أعمالهم التي كانوا يرجون نفعها فلا يلقون إلا جزاء ما استمروا على عمله من الكفر والمعاصي .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡۚ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (147)

وقوله : { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } أي : من فعل منهم ذلك واستمر عليه إلى الممات ، حبط عمله .

وقوله : { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي : إنما نجازيهم بحسب{[12136]} أعمالهم التي أسلفوها ، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر ، وكما تدين تدان .


[12136]:في أ: "نجازيهم إلا بحسب".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡۚ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (147)

يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على جملة { سأصرف عن آياتي } [ الأعراف : 146 ] إلى آخر الآيات على الوجهين السابقين ويجوز أن يكون معطوفة على جملة { ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا } [ الأعراف : 146 ] ، ويجوز أن تكون تذييلاً معترضاً بين القصتين وتكون الواو اعتراضية ، وأيّاً ما كان فهي آثارها الإخبار عنهم بأنهم إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً ، فإن ذلك لما كان هو الغالب على المتكبرين الجاحدين للآيات ، وكأن لا تخلو جماعة المتكبرين من فريق قليل يتخذ سبيل الرشد عن حلم وحب للمحمدة ، وهم بعض سادة المشركين وعظماؤهم في كل عصر ، كانوا قد يحسب السامع أنْ ستنفعهم أعمالهم ، أزيل هذا التوهم بأن أعمالهم لا تنفعهم مع التكذيب بآيات الله ولقاء الآخرة ، وأشير إلى أن التكذيب هو سبب حبط أعمالهم بتعريفهم بطريق الموصولية ، دون الإضمار ، مع تقدم ذكرهم المقتضي بحسب الظاهر الإضمار فخولف مقتضى الظاهر لذلك .

وإضافة { ولقاء } إلى { الآخرة } على معنى ( في ) لأنها إضافة إلى ظرف المكان ، مثلُ { عقْبى الدار } [ الرعد : 24 ] أي لقاء الله في الآخرة ، أي لقاء وعده ووعيده .

والحبط فساد الشيء الذي كان صالحاً ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله } في سورة المائدة ( 5 ) .

وجملة : { هل يُجْزَون إلاّ ما كانوا يعملون } مستأنفة استينافاً بيانياً ، جواباً عن سؤال ينشأ عن قوله : { حبطت أعمالهم } إذ قد يقول سائل : كيف تحبط أعمالهم الصالحة ، فأجيب بأنهم جُوزُوا كما كانوا يعملون ، فإنهم لما كذبوا بآيات الله كانوا قد أحالوا الرسالة والتبليغ عن الله ، فمن أين جاءهم العلم بأن لهم على أعمالهم الصالحة جزاءً حسناً ، لأن ذلك لا يعرف إلاّ بإخبار من الله تعالى ، وهم قد عطلوا طريق الإخبار وهو الرسالة ، ولأن الجزاء إنما يظهر في الآخرة ، وهم قد كذبوا بلقاء الآخرة ، فقد قطعوا الصلة بينهم وبين الجزاء ، فكان حبط أعمالهم الصالحة وفاقاً لاعتقادهم .

والمراد ب { ما كانوا يعملون } ما كانوا يعتقدون ، فأطلق على التكذيب بالآيات وبلقاء الآخرة فعلُ { يَعملون } لأن آثار الاعتقاد تظهر في أقوال المعتقد وأفعاله ، وهي من أعماله .

والاستفهام ب { هل } مُشْرب معنى النفي ، وقد جعل من معاني ( هل ) النفيُ ، وقد بيناه عند قوله تعالى : { هل تجزون إلاّ ما كنتم تعملون } في سورة النمل ( 90 ) ، فانظره هناك .

{ وما كانوا يعملون } مقدر فيه مضاف ، والتقدير مكافىء ما كانوا يعملون بقرينة قوله : { يُجزون } لأن الجزاء لا يكون نفس المجزي عليه ، فإن فعل جَزى يتعدى إلى العوض المجعول جزاء بنفسه ، ويتعدى إلى العمل المجزي عليه بالباء ، كما قال تعالى : { وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً } [ الإنسان : 12 ] ونظير هذه الآية قوله في سورة الأنعام ( 139 ) { سيجزيهم وصفهم . }