محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَلِقَآءِ ٱلۡأٓخِرَةِ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡۚ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (147)

ثم بين وعيد المكذبين بقوله :

/ [ 147 ] { والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ( 147 ) } .

{ والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة } أي القيامة ، وهي الكرّة الثانية . سميت ( آخرة ) لتأخرها عن الدنيا { حبطت أعمالهم } أي بطلت ، فلم تعقب نفعا . والمراد جزاء أعمالهم ، لأن الحابط إنما يصح في المنتظَر ، دون ما تقضى ، وهذا كقوله : { ليُروا أعمالهم }{[4196]} { هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } أي إلا جزاء عملهم من الكفر والمعاصي .

تنبيه :

ذهب بعضهم إلى أن قوله تعالى : { سأصرف عن آياتي } الخ كلام مع قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو متصل بما سبق من قصصهم ، وهو { أوَ لمَ يهْدِ . . . } الخ .

وإيراد قصة موسى وفرعون للاعتبار .

وقال الكعبيّ وأبو مسلم الأصفهاني : إن هذا كلام تمام لما وعد الله موسى عليه السلام به من إهلاك أعدائه . ومعنى صرفهم إهلاكهم ، فلا يقدرون على منع موسى من تبليغها ، ولا على منع المؤمنين من الإيمان بها ، وهو شبيه بقوله : { بَلِّغ ما أنزل إليك من ربك ، وإن لم تفعل فما بلغتَ رسالتَهُ ، والله يعصمُكَ من الناس }{[4197]} فأراد تعالى أن يمنع أعداء موسى عليه السلام من إيذائه ، ومنعه من القيام بما يلزمه في تبليغ النبوة والرسالة . انتهى . والله أعلم .


[4196]:- [99/ الزلزلة/ 6].
[4197]:- [5/ المائدة/ 67].