يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه : أنه أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه ، فقال : { الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الإنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } قال الحسن : يعني : النطق{[27842]} . وقال الضحاك ، وقتادة ، وغيرهما : يعني الخير والشر . وقول الحسن ها هنا أحسن وأقوى ؛ لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن ، وهو أداء تلاوته ، وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين ، على اختلاف مخارجها وأنواعها .
و : { البيان } النطق والفهم والإبانة عن ذلك بقول قاله ابن زيد والجمهور ، وذلك هو الذي فضل الإنسان من سائر الحيوان ، وقال قتادة : هو بيان الحلال والحرام والشرائع ، وهذا جزء من { البيان } العام ، وقال قتادة : { الإنسان } آدم . وقال ابن كيسان : { الإنسان } : محمد صلى الله عليه وسلم .
قال القاضي أبو محمد : وهذا التخصيص لا دليل عليه ، وكل المعلومات داخلة في البيان الذي علمه الإنسان ، فكأنه قال من ذلك البيان وفيه معتبر كون { الشمس والقمر بحسبان } فحذف هذا كله ، ورفع { الشمسُ } بالابتداء ، وهذا ابتداء تعديد نعم .
خبر ثالث تضمن الاعتبار بنعمة الإِبانة عن المراد والامتنان بها بعد الامتنان بنعمة الإِيجاد ، أي علّم جنس الإِنسان أن يُبين عما في نفسه ليفيده غيره ويستفيد هو .
والبيان : الإِعراب عما في الضمير من المقاصد والأغراض وهو النطق وبه تميز الإِنسان عن بقية أنواع الحيوان فهو من أعظم النعم .
وأما البيان بغير النطق من إشارة وإيماء ولمح النظر فهو أيضاً من مميزات الإنسان وإن كان دون بيان النطق .
ومعنى تعليم الله الإِنسان البيانَ : أنه خلق فيه الاستعداد لعلم ذلك وألهمه وضع اللغة للتعارف ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { وعلم آدم الأسماء كلها } في سورة البقرة ( 31 ) .
وفيه الإِشارة إلى أن نعمة البيان أجل النعم على الإنسان ، فعدّ نعمة التكاليف الدينية وفيه تنويه بالعلوم الزائدة في بيان الإنسان وهي خصائص اللغة وآدابها .
ومجيء المسند فعلاً بعد المسند إليه لإِفادة تقوّي الحكم .
وفيه من التبكيت ما علمته آنفاً ، ووجهه أنهم لم يشكروه على نعمة البيان إذ صرفوا جزءاً كبيراً من بيانهم فيما يلهيهم عن إفراد الله بالعبادة وفيما ينازعون به من يدعوهم إلى الهدى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.