فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ} (4)

ثم امتن ثالثا بتعليمه البيان الذي يكون به التفاهم ، ويدور عليه التخاطب ، وتتوقف عليه مصالح المعاش } والمعاد ، لأنه لا يمكن إبراز ما في الضمائر ، ولا إظهار ما يدور في الخلد إلا به ، فقال :

{ علمه البيان } قال قتادة والحسن : المراد بالبيان أسماء كل شيء ، وقيل المراد به اللغات كلها ، فكان آدم يتكلم بسبعمائة لغة أفضلها العربية ، وقيل : الإنسان إسم جنس ، وأراد به جميع الناس ، أي : علمه النطق الذي يتميز به عن سائر الحيوان ، وقيل : أراد بالإنسان محمدا صلى الله عليه وسلم ، علمه بيان ما يكون وما كان لأنه صلى الله عليه وسلم ينبئ عن خير الأولين الآخرين ، وعن يوم الدين ، وقال ابن كيسان : المراد به بيان الحلال من الحرام والهدى من الضلال وهو بعيد ، وقال الضحاك : البيان الخير والشر والحدود والأحكام ، وقال الربيع ابن أنس : هو ما ينفعه مما يضره ، وقيل : البيان الكتابة بالقلم ، والأولى حمل البيان على تعليم كل قوم لسانهم الذي يتكلمون به