{ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } وهؤلاء هم المذكورون في آخر السورة : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ [ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ]{[5584]} } [ الآية199 ] وهكذا قال هاهنا : { وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ }
{ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلََئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ }
يعني بقوله جلّ وعزّ : { يُؤْمِنُونَ باللّهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ } : يصدّقون بالله ، وبالبعث بعد الممات ، ويعلمون أن الله مجازيهم بأعمالهم¹ وليسوا كالمشركين الذين يجحدون وحدانية الله ، ويعبدون معه غيره ، ويكذّبون بالبعث بعد الممات ، وينكرون المجازاة على الأعمال والثواب والعقاب . وقوله : { وَيأْمُرُونَ بالمَعْرُوفِ } يقول : يأمرون الناس بالإيمان بالله ورسوله ، وتصديق محمد صلى الله عليه وسلم ، وما جاءهم به . { وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ } يقول : وينهون الناس عن الكفر بالله ، وتكذيب محمد ، وما جارهم به من عند الله : يعني بذلك : أنهم ليسوا كاليهود والنصارى ، الذي يأمرون الناس بالكفر ، وتكذيب محمد فيما جارهم به ، وينهونهم عن المعروف من الأعمال ، وهو تصديق محمد فيما أتاهم به من عند الله : { وَيسارِعونَ فِي الخَيْراتِ } يقول : ويبتدرون فعل الخيرات خشية أن يفوتهم ذلك قبل معاجلتهم مناياهم . ثم أخبر جلّ ثناؤه أن هؤلاء الذين هذه صفتهم من أهل الكتاب هم من عداد الصالحين ، لأن من كان منهم فاسقا قد باء بغضب من الله ، لكفره بالله وآياته ، وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ، وعصيانه ربه ، واعتدائه في حدوده .
معنى { يسارعون في الخيرات } يسارعون إليها أي يرغبون في الاستكثار منها . والمسارعة مستعارة للاستكثار من الفعل ، والمبادرة إليه ، تشبيهاً للاستكثار والأعتناء بالسير السريع لبلوغ المطلوب . وفي للظرفية المجازية ، وهي تخييلية تؤذن بتشبيه الخيرات بطريق يسير فيه السائرون ، ولهؤلاء مزيّة السرعة في قطعه . ولَك أن تجعل مجموع المركّب من قوله { ويسارعون في الخيرات } تمثيلاً لحال مبادرتهم وحرصهم على فعل الخيرات بحال السائر الراغب في البلوغ إلى قصده يُسرع في سيره . وسيأتي نظيره عند قوله تعالى { لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } في سورة [ العقود : 176 ] .
والإشارة بأولئك إلى الأمّة القائمة الموصوفة بتلك الأوصاف . وموقع اسم الإشارة التنبيه على أنَّهم استحقوا الوصف المذكور بعد اسم الإشارة بسبب ما سبق اسمّ الإشارة من الأوصاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.