المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

49- قال المنكرون للبعث : أنبعث إذا صرنا عظاماً نخرة ، وقطعاً متفرقة ، فنكون خلْقاً جديداً فيه حياة ؟ إن هذا ما لا يدخل العقول .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

40

ذلك قولهم عن القرآن ، وعن الرسول [ ص ] وهو يتلو عليهم القرآن . كذلك كذبوا بالبعث ، وكفروا بالآخرة :

( وقالوا : أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ? قل : كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم . فسيقولون : من يعيدنا ? قل : الذي فطركم أول مرة . فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون : متى هو ? قل : عسى أن يكون قريبا ، يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) . .

وقد كانت قضية البعث مثار جدل طويل بين الرسول [ ص ] والمشركين ، واشتمل القرآن الكريم على الكثير من هذا الجدل . مع بساطة هذه القضية ووضوحها عند من يتصور طبيعة الحياة والموت ، وطبيعة البعث والحشر . ولقد عرضها القرآن الكريم في هذا الضوء مرات . ولكن القوم لم يكونوا يتصورونها بهذا الوضوح وبتلك البساطة ؛ فكان يصعب عليهم تصور البعث بعد البلى والفناء المسلط على الأجسام :

( وقالوا : أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا )?

ذلك أنهم لم يكونوا يتدبرون أنهم لم يكونوا أحياء أصلا ثم كانوا ، وأن النشأة الآخرة ليست أعسر من النشأة الأولى . وأنه لا شيء أمام القدرة الإلهية أعسر من شيء ، وأداة الخلق واحدة في كل شيء : ( كن فيكون ) فيستوي إذن أن يكون الشيء سهلا وأن يكون صعبا في نظر الناس ، متى توجهت الإرادة الإلهية إليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا} (49)

يجوز أن يكون جملة { وقالوا } معطوفة على جملة { قل لو كان معه آلهة كما تقولون } [ الإسراء : 42 ] باعتبار ما تشتمل عليه من قوله : كما تقولون لقصد استئصال ضلالة أخرى من ضلالاتهم بالحجّة الدامِغة ، بعد استئصال الّتي قبلها بالحجة القاطعة بقوله قل لو كان معه آلهة كما تقولون الآية وما بينهما بمنزلة الاعتراض .

ويجوز أن تكون عطفاً على جملة { إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً } [ الإسراء : 47 ] التي مضمونها مظروف للنجوى ، فيكون هذا القول مما تَنَاجَوْا به بينهم ، ثم يجهرون بإعلانه ويعُدونه حجتهم على التكذيب .

والاستفهام إنكاري .

وتقديم الظرف من قوله : { أئذا كنا عظاماً } للاهتمام به لأن مضمونه هو دليل الاستحالة في ظنهم ، فالإنكار متسلط على جملة { أئنا لمبعوثون } . وقوة إنكار ذلك مقيد بحالة الكون عظاماً ورفاتاً ، وأصل تركيب الجملة : أإنا لمبعوثون إذا كنا عظاماً ورفاتاً .

وليس المقصود من الظرف التقييد ، لأن الكون عظاماً ورفاتاً ثابت لكل من يموت فيبعث .

والبعث : الإرسال . وأطلق هنا على إحياء الموتى ، لأن الميت يشبه الماكث في عدم مبارحة مكانه .

والعظام : جمع عظم ، وهوما منه تركيب الجسد للإنسان والدواب . ومعنى { كنا عظاماً } أنهم عظام لا لحم عليها .

والرفات : الأشياء المرفوتة ، أي المفتتة . يقال : رفَت الشيء إذا كسره كِسراً دقيقة . ووزن فُعال يدل على مفعول أفعال التجزئة مثل الدقاق والحُطام والجُذاذ والفُتات .

و { خلقاً جديداً } حال من ضمير « مبعوثون » . وذكر الحال لتصوير استحالة البعث بعد الفناء لأن البعث هو الإحياء ، فإحياء العظام والرفات محال عندهم ، وكَوْنهم خلقاً جديداً أدخل في الاستحالة .

والخلق : مصدر بمعنى المفعول ، ولكونه مصدراً لم يتبع موصوفه في الجمع .