المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

51- ولقد أعطينا إبراهيم الرشد والتفكير في طلب الحق مخلصاً من قبل موسى وهارون ، وكنا بأحواله وفضائله التي تؤهله لحمل الرسالة عالمين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

48

وبعد الإشارة السريعة إلى موسى وهارون وكتابهما يرتد السياق إلى حلقة كاملة من قصة إبراهيم ، وهو جد العرب الأكبر وباني الكعبة التي يحشدون فيها الأصنام ، ويعكفون عليها بالعبادة ، وهو الذي حطم الأصنام من قبل . والسياق يعرضه هنا وهو يستنكر الشرك ويحطم الأصنام .

والحلقة المعروفة هنا هي حلقة الرسالة . وهي مقسمة إلى مشاهد متتابعة ، بينها فجوات صغيرة . وهي تبدأ بالإشارة إلى ما سبق هداية إبراهيم إلى الرشد . ويعني به الهداية إلى التوحيد . فهذا هو الرشد الأكبر الذي تنصرف إليه لفظة( الرشد )في هذا المقام .

( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل ، وكنا به عالمين ) . .

آتينا رشده ، وكنا عالمين بحاله وباستعداده لحمل الأمانة التي يحملها المرسلون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

الرشد عام في هدايته إلى رفض الأصنام وفي هدايته في أمر الكوكب والشمس والقمر وغير ذلك من النبوءة فما دونها ، وقال بعضهم معناه وفق للخير صغيراً وهذا كله متقارب ، و { من قبل } معناه من قبل موسى وهارون ، فبهذه الإضافة هو قبل كما هي نسبة نوح منه ، قوله { وكنا به عالمين } مدح ل { إبراهيم } أي بأنه يستحق ما أهل له وهذا نحو قوله تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته }{[8239]} [ الأنعام : 124 ] والعامل في { إذ } قوله { آتينا }


[8239]:من الآية (124) من سورة (الأنعام).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

أعقبت قصة موسى وهارون بقصة إبراهيم فيما أوحي إليه من مقاومة الشرك ووضوح الحجة على بطلانه ، لأن إبراهيم كان هو المَثَل الأول قبل مجيء الإسلام في مقاومة الشرك إذ قاومه بالحجة وبالقوة وبإعلان التوحيد إذْ أقام للتوحيد هيكلاً بمكة هو الكعبة وبجَبل ( نابو ) من بلاد الكنعانيين حيث كانت مدينةٌ تسمى يومئذ ( لوزا ) ثم بنى بيت ايل بالقرب من موضع مدينة ( أورشليم ) في المكان الذي أقيم به هيكل سليمان من بعد ، فكانت قصة إبراهيم مع قومه شاهداً على بطلان الشرك الذي كان مماثلاً لحال المشركين بمكة الذين جاء محمد صلى الله عليه وسلم لقطع دابره . وفي ذكر قصة إبراهيم تورك على المشركين من أهل مكة إذ كانوا على الحالة التي نعاها جدُّهم إبراهيم على قومه ، وكفى بذلك حجة عليهم . وأيضاً فإن شريعة إبراهيم أشهر شريعة بعد شريعة موسى .

وتأكيد الخبر عنه بلام القَسم للوجه الذي بيناه آنفاً في تأكيد الخبر عن موسى وهارون ، وهو تنزيل العرب في مخالفتهم لشريعة أبيهم إبراهيم منزلة المنكر لكون إبراهيم أوتي رشداً وهدياً .

وكذلك الإخبار عن إيتاء الرشد إبراهيم بإسناد الإيتاء إلى ضمير الجلالة لمثل ما قرّر في قصة موسى وهارون للتنبيه على تفخيم ذلك الرشد الذي أوتيه .

والرشد : الهدى والرأي الحق ، وضده الغي ، وتقدم في قوله تعالى : { قد تبين الرشد من الغي } في [ سورة البقرة : 256 ] . وإضافة { الرشد } إلى ضمير إبراهيم من إضافة المصدر إلى مفعوله ، أي الرشد الذي أرْشِده . وفائدة الإضافة هنا التنبيه على عظم شأن هذا الرشد ، أي رشداً يليق به ؛ ولأن رشد إبراهيم قد كان مضرب الأمثال بين العرب وغيرهم ، أي هو الذي علمتم سمعته التي طبقت الخَافقين فما ظنكم برشد أوتيه من جانب الله تعالى ، فإن الإضافة لما كانت على معنى اللام كانت مفيدة للاختصاص فكأنه انفرد به . وفيه إيماء إلى أن إبراهيم كان قد انفرد بالهدى بين قومه .

وزاده تنويهاً وتفخيماً تذييله بالجملة المعترضة قوله تعالى : { وكنا به عالمين } أي آتيناه رشداً عظيماً على عِلم منا بإبراهيم ، أي بكونه أهلاً لذلك الرشد ، وهذا العلم الإلهي متعلق بالنفسية العظيمة التي كان بها محل ثناء الله تعالى عليه في مواضع كثيرة من قرآنه ، أي علم من سريرته صفات قد رَضيها وأحمدَهَا فاستأهل بها اتخاذه خليلاً . وهذا كقوله تعالى : { ولقد اخترناهم على علم على العالمين } [ الدخان : 32 ] وقوله تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالاته } [ الأنعام : 124 ] .

وقوله { من قبل } أي من قبل أن نوتي موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً . ووجه ذكر هذه القبلية التنبيه على أنه ما وقع إيتاء الذكر موسى وهارون إلا لأن شريعتهما لم تزل معروفة مدروسة .