غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ} (51)

51

التفسير : الرشد الاهتداء لوجوه المصالح في الدين والدنيا وقد يخص ههنا بالنبوة لقوله { رشده } ومعنى الإضافة أن لهذا الرشد شأناً ولقوله { وكنا به عالمين } وفيه أنه علم منه أسراراً عجيبة وأحوالاً بديعة حتى اتخذه خليلاً واصطفاه نبياً نظيره

{ الله أعلم حيث يجعل رسالته } [ الأنعام : 124 ] وعلى هذا فمعنى قوله { من قبل } أي من قبل موسى وهارون قاله ابن عباس : وعلى الأول يحتمل هذا وأن يراد من قبل البلوغ حين استدل بالكواكب قاله مقاتل . وعن ابن عباس في رواية الضحاك حين أخذ الله ميثاق النبيين في صلب آدم . قالت الأشاعرة : أراد بإيتاء الرشد خلق ذلك فيه إذ لو حمل على أسباب ذلك تناول الكفار . أجاب الكعبي بأن هذا إنما يقال فيمن قبل لا فيمن رد ، نظيره بأن يعطي الأب كل واحد من ولديه ألفاً فقبله أحدهما وثمره ورده الآخر أو أخذه ثم ضيعه فيقال : أغنى فلان ابنه فيمن ثمر المال ، ولا يقال مثله فيمن ضيع . واعترض بأن قبوله على هذا التقدير يكون جزءاً من مسمى الرشد وحينئذ لا يصح استناد إيتاء الرشد إلى الله وحده ، وهذا بخلاف نص القرآن .

/خ91